إرتفاع قيمة المؤشر خلال عام 2019
جهود متواصلة للمصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية نحو تعزيز الاستقرار المالي
متانة مؤشرات القطاع المصرفي لدى الدول العربية بالرغم من المخاطر والتحديات
مرونة القطاع المصرفي وقدرته على إستيعاب الصدمات المالية
تحسن المؤشرات الاقتصادية ومؤشرات أسواق رأس المال إنعكس إيجابياً على مؤشر الاستقرار المالي خلال عام 2019
توجه التسهيلات الإئتمانية نحو القطاعات الاقتصادية المنتجة
أطلق صندوق النقد العربي بالتعاون مع فريق عمل الإستقرار المالي في الدول العربية مؤشر الإستقرار المالي العربي (The Arab Financial Stability Index AFSI) للفترة (2015-2019). يأتي إطلاق هذا المؤشر السنوي، في ضوء أهمية وجود مؤشر كمي يقيس مستوى الاستقرار المالي بموضوعية ويعمل كأداة للتوجيه والإنذار المبكر، حيث ينبّه متخذي القرار وواضعي السياسات بإحتمال تعرض النظام المالي لأزمة مالية قبل وقوعها، لإتخاذ ما يلزم من سياسات وإجراءات وقائية وإستباقية. كما يسمح المؤشر أن تكون عملية تقييم سلامة النظام المالي بشكل مبني على مقاييس كمية وموضوعية، ويساعد على ترسيخ مبدأ الشفافية والإفصاح، وإتاحة مختلف المعلومات للسوق والمتعاملين مع النظام المالي، مع توجيه الانتباه للمخاطر النظامية التي قد يتعرض لها النظام المالي ككل، إضافةً إلى مراقبة تطور بعض المتغيرات المهمة ومقارنتها عبر الزمن (من خلال رسم خارطة المخاطر). حيث يعد مؤشر الاستقرار المالي أداة تكميلية لأنظمة الإنذار المبكر وإختبارات الأوضاع الضاغطة، من خلال ما يعكسه ويحدده من درجة المخاطر أو التقلبات في النظام المالي.
يتكون مؤشر الاستقرار المالي العربي من أربعة مؤشرات رئيسة تشمل: مؤشر القطاع المصرفي (10 مؤشرات فرعية)، ومؤشر الاقتصاد الكلي (6 مؤشرات فرعية)، ومؤشر سوق رأس المال (مؤشرين فرعيين)، ومؤشر الدورة المالية (مؤشر فرعي واحد). تم وضع أوزان نسبية لهذه المؤشرات في ضوء المشاورات التي تمت بين أعضاء فريق عمل الاستقرار المالي في الدول العربية. تجدر الإشارة إلى أن قيمة المؤشر تتراوح بين صفر وواحد، وكلما إقتربت القيمة من واحد (100 في المائة) ارتفعت درجة الاستقرار المالي، علماً أن مؤشر الاستقرار المالي وفقاً للتجارب الدولية شديد الحساسية.
في هذا الإطار، بلغت قيمة مؤشر الاستقرار المالي العربي في نهاية عام 2019 حوالي 56.4 في المائة، مقابل 54.8 في المائة في نهاية عام 2018، علماً أن قيمة المؤشر بلغت 52.7 في المائة، و40.6 في المائة و32.1 في المائة في نهاية الأعوام 2017 و2016 و2015 على التوالي. بيّنت نتائج تحليل المؤشر وجود توجه عام في الدول العربية نحو تبني سياسات إحترازية متحفظة أسهمت في تعزيز الاستقرار المالي. كما عكست نتائج المؤشر متانة ومرونة القطاع المصرفي العربي وقدرته على استيعاب الصدمات المالية المحتملة، بالرغم من عدد من المخاطر والتحديات. إضافةً إلى تحسن الكفاءة التشغيلية لدى القطاع المصرفي من خلال تحقيق ربحية جيدة والإعتماد على أعمال البنك الرئيسة، وذلك في ضوء تحسن نسب المصاريف التشغيلية إلى إجمالي الدخل وصافي هامش الفائدة إلى إجمالي الدخل ونسبتي العائد على الموجودات وحقوق الملكية.
في السياق نفسه، يأتي ارتفاع المؤشر خلال عام 2019 نتيجة أيضاً لتطبيق القطاع المصرفي العربي لمتطلبات بازل III والمعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9، التي إنعكست إيجاباً على مؤشرات القطاع المصرفي، حيث ساهمت برفع قيمة مؤشر الاستقرار المالي العربي خلال عامي 2018 و2019، وذلك في ضوء أن متطلبات رأس المال والسيولة وفق معيار بازل III تُعد أداتين هامتين تعززان من قدرة البنوك على تحمل الصدمات المالية والاقتصادية والمخاطر المرتفعة التي من الممكن أن تتعرض لها. عكس الارتفاع، الإهتمام بالملاءة المالية من قبل السلطات الإشرافية لما لها من أهمية كبيرة على سلامة المراكز المالية للبنوك. كما تقيس متطلبات رأس المال والسيولة، وقدرة البنك على استيعاب الخسائر مما ينعكس إيجاباً على سلامة ومتانة الوضع المالي للبنك. يذكر في هذا الصدد، أن من أهم التعديلات ضمن معيار بازل Ⅲ تتمثل بتعزيز وتحسين نوعية وكمية رؤوس الأموال لدى البنوك من خلال احتفاظ البنوك برؤوس أموال بجودة ونوعية عالية تمتاز بقدرة مرتفعة على مواجهة المخاطر واستيعاب الخسائر.
من جانب آخر، أظهرت نتائج تحليل فجوة الإئتمان للقطاع المصرفي العربي توجيه التسهيلات الإئتمانية إلى القطاعات الإقتصادية الإنتاجية بشكل أكبر من الإستهلاكية، الأمر الذي ينعكس إيجابياً على النمو الاقتصادي وتعزيز الشمول المالي. كما بيّنت نتائج تحليل المؤشر وجود أثر إيجابي لمؤشرات الاقتصاد الكلي وأثر أكبر لمؤشرات سوق رأس المال على مؤشر الاستقرار المالي، يعكس ذلك وجود استقرار إقتصادي وتحسن في الأنشطة الإقتصادية، وزيادة رؤوس أموال الشركات المدرجة في أسواق رأس المال، وتدفق إستثمارات أجنبية جديدة، وتعزيز ثقة المستثمرين.
تجدر الإشارة إلى أن صندوق النقد العربي وفريق عمل الاستقرار المالي في الدول العربية سيواصلان تقييم ومراجعة منهجية مؤشر الاستقرار المالي العربي أخذاً بالإعتبار المستجدات والتطورات التي قد تطرأ في هذا الخصوص. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة لتداعيات جائحة كورونا وإنعكاساتها على الاستقرار المالي، مما قد يؤثر على أداء المؤشر عن عام 2020، إلا أن مقومات الاستقرار المالي في الدول العربية، تُنبئ بقدرة القطاع المصرفي على إمتصاص صدمات هذه التداعيات.
في هذه المناسبة، أعرب معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي عن سروره لإطلاق مؤشر الاستقرار المالي العربي، الذي الذي يهدف إلى توفير أداة إستباقية للمصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية لتعزيز الاستقرار المالي وتقييم المخاطر النظامية في القطاع المالي بشكل عام والمصرفي بشكل خاص، بما يعزز من دور القطاع المالي في تحقيق التنمية المستدامة. نوّه معاليه إلى أن إطلاق هذا المؤشر جاء بالتعاون مع فريق عمل الاستقرار المالي في الدول العربية المنبثق عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، مؤكداً على أهمية إستمرار تواصل الجهود لتطوير المؤشر ليُواكب المستجدات والتطورات المتعلقة بقضايا الاستقرار المالي، ليقدم صورة واضحة عن وضعية الاستقرار المالي في الدول العربية، والمحددات والتحديات التي تواجهها في سياق جهود السلطات الإشرافية لتحقيق الاستقرار المالي، ليساهم في دعم اتخاذ القرارات الاحترازية التي تسهم في سلامة ومنعة القطاع المالي والمصرفي العربي.