معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة بمناسبة إفتتاح ورشة عمل عالية المستوى "عن بعد" حول حوكمة الشركات العائلية في الدول العربية

التأكيد على الدور المحوري للشركات العائلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تمثل نحو 70 في المائة من إجمالي الشركات في العالم

الدعوة لبلورة السياسات المناسبة لتعزيز حوكمة الشركات العائلية في إطار إدراك التحديات التي تواجهها هذه الشركات

مسؤوليات السلطات الإشرافية في تعزيز الحوكمة الرشيدة للشركات العائلية

الحاجة إلى وجود إحصاءات موثوقة عن أنشطة وأعمال الشركات العائلية

دور المواثيق الإسترشادية في تعزيز قيم الشركات العائلية وتنمية أعمالها

أهمية وجود رؤية مشتركة للعائلة تجاه الأهداف الاستراتيجية للشركة

التأكيد على أهمية مواصلة التشاور والحوار بين مختلف الأطراف للارتقاء بحوكمة الشركات العائلية وتعزيز دورها

نظم صندوق النقد العربي ورشة عمل عالية المستوى "عن بعد" حول حوكمة الشركات العائلية في الدول العربية، يوم الإثنين الموافق 22 فبراير (شباط) 2021، بحضور مسؤولين رفيعي المستوى من الدول العربية، يمثلون وزارات المالية والتجارة والمصارف المركزية وهيئات أسواق المال وإتحادات المصارف وإتحادات غرف الصناعة والتجارة، إضافةً إلى مجموعة من البنوك التجارية والشركات الإستشارية والشركات العائلية في الدول العربية. كما حضر الورشة خبراء من المؤسسات الإقليمية والدولية من منظمة التنمية والتعاون الإقتصادي، ومؤسسة التمويل الدولية، وشبكة الشركات العائلية الدولية، ومجلس الشركات العائلية الخليجية.

بهذه المناسبة، ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة أكد فيها حرص صندوق النقد العربي على توفير منصة حوار وتشاور بين المسؤولين رفيعي المستوى في القطاعين العام والخاص لتبادل الخبرات والآراء حول سبل دعم قطاع الشركات العائلية والتحديات التي تواجهه، في ضوء الدور الهام الذي تلعبه الشركات العائلية في التنمية الاقتصادية والإجتماعية، بالتالي تعزيز الاستقرار المالي.

أكد معاليه أن الورشة تأتي في إطار الدور المحوري والهام للشركات العائلية في التنمية الاقتصادية ومساهمتها في تحقيق النمو الشامل والمستدام وتوفير فرص العمل، حيث تمثل حوالي 70 في المائة من إجمالي الشركات في العالم، الأمر الذي يستدعي قيام السلطات الرقابية بدراسة واقع هذا القطاع للوقوف على حجمه وطبيعته والمخاطر والتحديات المرتبطة به، لتكوين قاعدة إحصاءات وبيانات لفهم الاتجاهات والتحديات الرئيسة التي تواجه الشركات العائلية، خصوصاً في ظل الأهمية المتزايدة لدورها في دعم المشاريع الاقتصادية الإنتاجية، بالتالي تعزيز الاستقرار المالي الذي يُعد هدفاً رئيساً للمصارف المركزية.

أشار معاليه إلى أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي مفتاح إزدهار الاقتصادات في الدول، وعليه فإن تنسيق الجهود وتعزيز التشاور بين السلطات الإشرافية من جهة، والشركات العائلية من جهة أخرى، من شأنه أن يدعم قطاع الشركات العائلية لتقوم بالدور المأمول منها، بما يحافظ على إستمراريتها. حيث تبرز أهمية قيام السلطات الرقابية ذات العلاقة بإصدار لوائح وأنظمة، كميثاق إسترشادي للشركات العائلية على مستوى كل دولة. يشمل كحد أدنى: بيان قيم الشركة وتعزيزها وتنمية أعمالها، وتوعية أعضاء العائلة بحقوقهم والتزاماتهم، ودورهم في الحفاظ على استمرارية أعمال الشركة، وإعتماد رؤية مشتركة للعائلة تجاه الأهداف الاستراتيجية للشركة، وضمان عدم تضارب المصالح بين أعضاء العائلة ومصالح الشركة، وتعزيز قيم الإنتماء لدى أفراد العائلة حفاظاً على سمعة الشركة ومكانتها التجارية، وتحييد أثر الخلافات العائلية على أعمال الشركة، والحفاظ على سرية وخصوصية المعلومات ذات الصلة بالشركة، ومدونة العائلة لقواعد السلوك.

أعرب معاليه عن شكره لحضور نخبة من الخبرات الرفيعة المستوى المتخصصة، سواءً من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية أو من سلطات الإشراف المختلفة، إلى جانب العديد من المسؤولين وأصحاب القرار في البنوك والشركات، بما يساعد على الوصول لرؤية شاملة بخصوص سبل تطوير وتعزيز حوكمة قطاع الشركات العائلية من أجل تحقيق استقرار مالي يسهم بكفاءة وفعالية في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة.

في الختام جدد معاليه الشكر والعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر صندوق النقد العربي، على ما تقدمه من تسهيلات كبيرة تساهم في نجاح الصندوق في تحقيق الأهداف المنوطة به.

 

وفيما يلي النص الكامل للكلمة:

 

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

أسعد الله صباحكم/مساءكم بكل خير أينما كنتم،

يسرني أن أرحب بكم، مع بداية اللقاء الأول حول " حوكمة الشركات العائلية في الدول العربية"، الذي ينظمه صندوق النقد العربي.

اسمحوا لي بدايةً أن أعرب عن خالص شكري وتقديري للحضور الكريم في هذا اللقاء الذي يُشارك فيه نخبة من الخبراء من دولنا العربية من الوزارات والمصارف المركزية وهيئات أسواق المال والبنوك التجارية والشركات العائلية والشركات الإستشارية والجامعات وإتحادات المصارف وإتحادات غرف الصناعة والتجارة. كما لا يفوتني أن أشكر المؤسسات المالية الإقليمية والدولية على تفضلهم بالمشاركة معنا اليوم.

كذلك أتوجه بشكر خاص للخبراء والمتحدثين، الذين حرصوا على المشاركة اليوم، لتقديم مرئياتهم حول سبل تعزيز متانة قطاع الشركات العائلية والحفاظ على دورها في التنمية المستدامة، وفق أفضل الممارسات الدولية.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

إن حضوركم هذا اللقاء، يعكس الاهتمام والرغبة لتعزيز الحوكمة الرشيدة للشركات العائلية بما يمكنها من القيام بدورها في دعم المشاريع الاقتصادية، والحرص على تبادل الآراء والأفكار حول المخاطر التي تواجه هذا القطاع الحيوي. حيث إن الحفاظ على متانة قطاع الشركات العائلية وتطويره ينعكس إيجاباً على تعزيز الاستقرار المالي، الذي يُعد هدفاً رئيساً للسياسات الاقتصادية في الدول العربية. بينت دراسة حديثة صادرة عن صندوق النقد العربي (2020)، عدم وجود تعريف قانوني واضح للشركات العائلية لدى عدد من الدول العربية، حيث لا يوجد تصنيف أو تعريف خاص بالشركات العائلية، فمعظم الدول العربية تقوم بتصنيف الشركات حسب حجمها إلى شركات صغيرة ومتوسطة وكبرى، دون الأخذ بالإعتبار طبيعة وخصوصية الشركات العائلية. الأمر الذي دفع صندوق النقد العربي إلى إصدار "مبادئ التعامل مع الشركات العائلية ذات الأهمية النظامية" في شهر سبتمبر من عام 2020، في إطار حرص الصندوق على تقديم المشورة والمعونة الفنية لدوله الأعضاء، نظراً للأهمية المتزايدة لدور الشركات العائلية في دعم المشاريع الاقتصادية، بالتالي تعزيز الاستقرار المالي والشمول المالي في الدول العربية. تضمنت المبادئ مجموعة من التوصيات المتعلقة بتعزيز حوكمة الشركات العائلية والحد من المخاطر النظامية التي قد تنشأ عن قطاع الشركات العائلية، حيث أكدت إبتداءً على أهمية تبني تعريف موحد للشركات العائلية على مستوى الدولة، بالتنسيق والتشاور بين الهيئات والمؤسسات الرسمية المعنية. إضافةً إلى إتباع منهجية مناسبة لتحديد الشركات العائلية ذات الأهمية النظامية، بناءً على عدة عوامل مثل: حجم موجودات الشركة، ورأس المال، وحجم النشاط والمبيعات السنوية، وعدد العمال.

في السياق نفسه، أكدت المبادئ على أهمية إصدار السلطات الرقابية تعليمات حوكمة للشركات العائلية، تُلزم هذه الشركات بإعداد دليل حوكمة يأخذ في الإعتبار التعليمات الرقابية كحد أدنى. كما يتضمن الدليل النظرة الخاصة للشركة لمفهوم الحوكمة وإستراتيجيتها ومبادئ تعزيزها. أشارت المبادئ إلى الدور الهام الذي تلعبه المصارف المركزية في الحد من المخاطر النظامية التي قد تنشأ عن الشركات العائلية، من خلال وضع التعليمات والضوابط والحدود المناسبة لتعرضات عملاء البنوك ذوي الصلة، ووضع ضوابط خاصة للشركات العائلية قبل منح الإئتمان، تأخذ بالإعتبار طبيعة عملها وخصوصيتها، منها على سبيل المثال، وجود صف ثاني من الإدارة، وتطبيق متطلبات الحوكمة، ومستوى مديونية الشركة القائمة.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

تلعب الشركات العائلية دوراً محورياً وحيوياً في التنمية الاقتصادية وتساهم في تحقيق النمو الشامل والمستدام وتوفير فرص العمل، حيث تمثل حوالي 70 في المائة من إجمالي الشركات في العالم، الأمر الذي يستدعي قيام السلطات الرقابية بدراسة واقع هذا القطاع للوقوف على حجمه وطبيعته والمخاطر والتحديات المرتبطة به، لتكوين قاعدة بيانات لفهم الاتجاهات والتحديات الرئيسة التي تواجه الشركات العائلية، خصوصاً في ظل الأهمية المتزايدة لدورها في دعم المشاريع الاقتصادية الإنتاجية، بالتالي تعزيز الاستقرار المالي الذي يُعد هدفاً رئيساً للمصارف المركزية.

وفقاً لدليل الشركات العائلية الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية، تُعرّف الشركة العائلية على أنها الشركة التي تكون فيها أغلبية الأصوات في أيدي العائلة المسيطرة، بما في ذلك المؤسسون الذين يعتزمون نقل الشركة إلى الجيل القادم. على الرغم من ذلك، يصعب إيجاد تعريف موحد لمفهوم الشركات العائلية، بالتالي من الصعوبة بمكان وصفها وتعريفها تعريفاً دقيقاً أو موحداً.

أشارت التقارير الصادرة عن الجهات المختصة، إلى أن أبرز تحدي يواجه الشركات العائلية، هو جانب الحوكمة. فمثلاً بيّن تقرير لإحدى الشركات الإستشارية، أن أبرز التحديات التي تواجه الشركات العائلية هي داخلية وليست خارجية، حيث أن تغير العلاقات الأسرية، وتعاقب القيادات، يُعتبران من أهم التحديات التي ترافق نشاط الشركة في الأسواق. وقد بيّن التقرير نفسه، أن الشركات العائلية تتبع مجموعة أساليب متنوعة في الحوكمة، كاستخدام المنتديات والتجمعات العائلية، ومجالس الأسرة. كذلك، أكد التقرير على أن أحد أهم أولويات الشركات العائلية، تتمثل في تكوين الجيل القادم من القادة للحفاظ على استمرارية الأعمال والهوية العائلية. حيث أن إعداد الجيل القادم ومساعدته على فهم العمل، يجعله مؤهلاً لتولي القيادة والانتقال بين الأجيال وتقليل التحديات والخلافات غير المتوقعة.

فيما يتعلق بخطط الإحلال بالنسبة للشركات العائلية في العالم، أشار استطلاع لإحدى الشركات الإستشارية إلى أن 30 في المائة من الشركات العائلية تفضل نقل ملكية الشركة وإدارتها إلى أفراد الأسرة، بينما يفضل 15 في المائة نقل الإدارة فقط، و20 في المائة نقل الملكية دون الإدارة. لكن بالمقابل، رغم اتجاه الشركات العائلية إلى الحفاظ على الأعمال داخل الأسرة، إلا أن 26 في المائة فقط من هذه الشركات يتوفر لديها خطط تعاقب (إحلال) رسمية لمنصب الرئيس التنفيذي على سبيل المثال، في حين أن الغالبية ليس لديها خطط إحلال رسمية أو غير رسمية لشغل وظائف رئيسة داخل الشركة.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

لا بد من التأكيد على أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، هي مفتاح إزدهار الاقتصادات في الدول، وعليه فإن تنسيق الجهود وتعزيز التشاور بين السلطات الإشرافية من جهة، والشركات العائلية من جهة أخرى، من شأنه أن يدعم قطاع الشركات العائلية لتقوم بالدور المأمول منها، بما يحافظ على إستمراريتها. من الأمور التي يستحسن أن تُؤخذ بالإعتبار، قيام السلطات الرقابية ذات العلاقة بإصدار لوائح وأنظمة كميثاق إسترشادي للشركات العائلية على مستوى كل دولة. تشمل كحد أدنى: بيان قيم الشركة وتعزيز تلك القيم وتنمية أعمالها، وتوعية أعضاء العائلة بحقوقهم والتزاماتهم، ودورهم في الحفاظ على استمرارية أعمال الشركة، وإعتماد رؤية مشتركة للعائلة تجاه الأهداف الاستراتيجية للشركة، وضمان عدم تضارب المصالح بين أعضاء العائلة ومصالح الشركة، وتعزيز قيم الإنتماء لدى أفراد العائلة حفاظاً على سمعة الشركة ومكانتها التجارية، وتحييد أثر الخلافات العائليةعلى أعمال الشركة، والحفاظ على سرية وخصوصية المعلومات ذات الصلة بالشركة، ومدونة العائلة لقواعد السلوك.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

يُعد هذا الاجتماع فرصة لمناقشة العديد من القضايا ذات الصلة بتعزيز حوكمة الشركات العائلية، ودور سياسات السلطات الرقابية في تحقيق التوازن بين تعزيز متانة القطاع، وتخفيض المخاطر النظامية التي قد تنشأ عنه. يُبرز ذلك أهمية مراجعة وتعزيز المنظومة التشريعية بما يدعم هذا القطاع.

لا شك أن حضور هذا العدد من الخبرات الرفيعة المستوى المتخصصة، سواءً من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية أو من سلطات الإشراف المختلفة، إلى جانب العديد من المسؤولين وأصحاب القرار في البنوك والشركات، سيسهم في الوصول لرؤية شاملة بخصوص سبل تطوير وتعزيز حوكمة قطاع الشركات العائلية من أجل تحقيق استقرار مالي يسهم بكفاءة وفعالية في تحقيق التنمية الاقتصادية.

أخيراً، وفي ختام كلمتي، أجدد الشكر والعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر صندوق النقد العربي، على ما تقدمه من تسهيلات كبيرة تساهم في نجاح الصندوق نحو تحقيق الأهداف المنوطة به.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.​