معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2021

التنويه بالمخاطر التي تواجه مرحلة التعافي وتحديات ارتفاع نسبة المديونية

أهمية المحافظة على الاستقرار المالي وسلامة ونزاهة المعاملات المالية والمصرفية

 تعزيز التنسيق بين السياسة الاحترازية الكلية والسياسات الاقتصادية وأهمية ملائمة توقيت تخفيف أو سحب إجراءات الدعم

تسريع التحول المالي الرقمي وتقديم خدمات مصرفية مبتكرة

متطلبات مواجهة تداعيات تغيرات المناخ على الأعمال المالية والمصرفية

العمل على ترسيخ التمويل المسؤول والمسؤولية المجتمعية للمؤسسات المصرفية

الاستفادة من فرص تطوير نظم الدفع الفوري والمدفوعات عبر الحدود

منصة "بُنى" للمدفوعات العربية تمثل نموذجاً للتوافق مع إرشادات مجموعة العشرين حول المدفوعات عبر الحدود

ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمةً "عن بُعد" في افتتاح القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2021، التي نظمها إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع المفوضية المصرفية الأوروبية وجمعية المصارف الإيطالية في مدينة روما الايطالية، تحت رعاية السيد ماريو دراغي رئيس الوزراء الإيطالي، المنعقدة تحت عنوان "استراتيجيات التعافي ما بعد الأزمة: تعزيز التنمية المستدامة والقدرة على تحمل الديون".

 

أشار معاليه في بداية الكلمة إلى أن أداء الاقتصاد العالمي من المتوقع أن يشهد تحسناً خلال عامي 2021 و 2022، ينعكس في تحقيق معدل نمو يقدر بنحو 6.0 و 4.4 في المائة للعامين على التوالي، منوهاً في هذا الصدد أن هذا التعافي يواجه في المقابل عدد من المخاطر، أبرزها إحتمالات تعذر إحتواء فيروس كورونا المستجد، وإحتمالات نشوب أزمة مديونية عالمية مع التوقع بإستمرار السياسات المالية والنقدية التوسعية لدعم مرحلة التعافي، مشيراً في هذا الصدد إلى ارتفاع الدين العالمي بنحو 24 تريليون دولار، ليصل إلى ما نسبته 355 في المائة من الناتج العالمي مع نهاية عام 2020. وفيما يتعلق بالدول العربية، أشار معاليه أن توقعات صندوق النقد العربي تظهر تحقيق معدل نمو يصل إلى نحو 2.8 في المائة عن عام 2021 ويرتفع إلى نحو 3.6 في المائة عن عام 2022.

في هذا السياق، تناول معالي الحميدي أهم التداعيات والتحديات على القطاع المصرفي في هذه المرحلة لدعم التعافي، التي من أبرزها أهمية المحافظة على الاستقرار المالي وسلامة ونزاهة المعاملات المالية والمصرفية، وتعزيز التنسيق بين السياسة الاحترازية الكلية والسياسات الاقتصادية، وتسريع التحول المالي الرقمي وتطوير خدمات مالية ومصرفية مبتكرة، ومواجهة تداعيات تغيرات المناخ والمتطلبات من المؤسسات المالية والمصرفية، وتعزيز التمويل المسؤول والمسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية لخدمة التنمية المستدامة، إلى جانب الإرتقاء بمنظومة وأدوات تسوية المدفوعات محلياً وعبر الحدود.

فعلى صعيد دعم الاستقرار المالي، أشاد معالي الحميدي بالإجراءت التحفيزية والوقائية التي قامت العديد من المصارف المركزية العربية بها. شملت تلك الإجراءات ضخ السيولة في القطاع المصرفي من خلال تخفيض أسعار أدوات السياسة النقدية ونسبة الإحتياطي النقدي الإلزامي، وتعزيز منظومة ضمان القروض دعماً للقطاعات الإنتاجية، محذراً في نفس الوقت من الارتفاع المتوقع في نسب التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات بعد سحب أو تخفيف حزم الدعم التي تم تطبيقها خلال فترة الجائحة، حيث ارتفعت نسبة التسهيلات غير العاملة بنسبة بسيطة إلى نحو 8.3 في المائة في نهاية عام 2020، مع التوقع بمزيد من الارتفاع بعد سحب الحزم، الأمر الذي سيشكل أمام السلطات الرقابية تحديات جديدة. أكد هنا على أهمية التنسيق بين السياسات الاقتصادية والسياسة الإحترازية الكلية، وأهمية ملائمة توقيت تخفيف أو سحب إجراءات الدعم، كأحد أدوات نجاح الإجراءات المتخذة لدعم التعافي الاقتصادي.

أبرز معاليه أهمية التحول الرقمي خلال جائحة كورونا، مبيناً أن التقنيات المالية الحديثة ساهمت من جهة في استمرار الخدمات المقدمة من القطاعين العام والخاص، ومن جهة أخرى في الحد من المخاطر الصحية، مؤكداً على أهمية تعزيز البنية التحتية الرقمية للقطاع المالي، وتشجيع التحول الرقمي، وإيجاد فرص تطويرية واستثمارية في مجالات التقنيات المالية محلياً، منوهاً بالفرص الكبيرة الكامنة في تطوير الخدمات الرقمية.

في الإطار ذاته، أشار معالي الدكتور عبدالرحمن الحميدي أن صناعة الخدمات المالية الرقمية تشهد نمواً في المنطقة العربية، منوهاً بمساهمة الأنشطة الرقمية بنحو 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية. كما أشار إلى النمو الملحوظ في عدد شركات التقنيات المالية الحديثة، الذي اقترب من نحو 500 شركة في عام 2020 أكثر من نصفهم شركات ناشئة، مقابل 167 شركة قبل خمس سنوات و62 شركة فقط قبل عشر سنوات. كما أكد معاليه على الحاجة للمزيد من العمل لخلق البيئة التشريعية والتنظيمية المحفزة والبنية التحتية المشجعة على نمو صناعة وخدمات التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية. فعلى سبيل المثال، عكس مؤشر التقنيات المالية الحديثة لصندوق النقد العربي (FINXAR) الاهتمام والجهود التي قامت به السلطات في الدول العربية في الأعوام الثلاث الماضية خاصة عام 2020، نحو الارتقاء بفرص نمو التقنيات المالية وتوظيفها، حيث يظهر المؤشر تحسن بيئة الخدمات المالية الرقمية وتنفيذ برامج وأنشطة وطنية للتحول الرقمي في الدول العربية. يبرز المؤشر عدد من التحديات التي تتطلب المزيد من الجهود، خاصة على صعيد تسهيل وصول مزودي خدمات التقنيات المالية الحديثة ورواد الأعمال والشركات الناشئة إلى التمويل، ومتابعة تطوير التشريعات والبنية التحتية المالية المحفزة.

من جانب آخر، أكد معاليه على ضرورة التعاون لمواجهة مخاطر تغيرات المناخ والحاجة لتطوير الخدمات المالية والمصرفية في هذا الشأن، إذ أن الخسائر المرتبطة بالأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية والتغير بالمناخ تضاعفت أربع مرات منذ الثمانينيات، حيث ارتفعت من 50 مليار دولار سنوياً في الثمانينيات إلى نحو 200 مليار دولار خلال العقد الماضي، الأمر الذي يشير أهمية وضع خطة استراتيجية لعملية التحول التدريجي للمنتجات الصديقة للبيئة بالتنسيق والتعاون بين المصرف المركزي والقطاع المصرفي والجهات الرسمية المعنية بموضوع التغيرات المناخية والبيئية، وذلك للحد من مخاطر التحول. إضافةً إلى تبني القطاع المصرفي لبرامج دعم للمشروعات صديقة البيئة، بتمويل بأسعار فائدة وآجال مناسبة، وتعزيز التمويل المستدام والمسؤول، وتقديم الحوافز للبنوك التجارية وأصحاب المشاريع الصديقة للبيئة بشكل مدروس.

في هذا الصدد، بيّن معاليه أن التمويل المسؤول يعد أحد أهم العناصر التي تساهم في الحد من أثر تغيرات المناخ على الاستقرار المالي، مشيراً في هذا الصدد إلى المسؤولية المجتمعية للقطاع المصرفي في دعم المشاريع الصديقة للبيئة ذات الانبعاثات "منخفضة غاز الكربون"، وأخذ الجوانب البيئية في الاعتبار قبل منح الائتمان، ذلك بهدف تعزيز التمويل المسؤول. أشار معاليه في هذا الصدد ان جهود المصارف المركزية في العديد من الدول في مجال التمويل المسؤول، أسفرت عن زيادة في عدد وقيمة القروض التجارية التي قدمتها البنوك للمشاريع الصديقة للبيئة، مشيراً إلى تبنى القطاع المصرفي في عدد من الدول العربية تقديم منتجات تحد من تداعيات تغير المناخ، تشمل القروض المسؤولة (الخضراء) وتمويل المشاريع والمنتجات المالية المختلفة والصناديق الاستثمارية الخضراء. داعياً السطات الاشرافية بالتعاون مع القطاع المصرفي لدعم هذه التوجهات.

من جانب آخر، أشار معاليه بالاهتمام الكبير الذي يحظى به موضوع تطوير نظم الدفع عبر الحدود من قبل مجموعة العشرين، سعياً وراء تعزيز كفاءة وسلامة معاملات الدفع والتحويل بما يخدم أغراض تعزيز التدفقات المالية ودعم النزاهة والإستقرار، مشيراً إلى أن منصة "بُنى" للمدفوعات العربية، التي أنشأها الصندوق مؤخراً بدعم وتعاون المصارف المركزية العربية ومشاركة المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية العالمية، تمثل نموذجاً للتوافق مع إرشادات مجموعة العشرين.

أخيراً، أكد معالي الدكتور الحميدي إهتمام صندوق النقد العربي بتعزيز التعاون مع كل من إتحاد المصارف وجمعيات واتحادات البنوك والبنوك العاملة في المنطقة العربية، مبيّناً أن الصندوق يعمل باستمرار على توسيع التعاون والمشاركة للبنوك في أنشطته ومؤسساته الشقيقة (برنامج تمويل التجارة العربية والمؤسسة الإقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية). كما أشار إلى استهداف الصندوق في إصداره للعديد من التقارير والأدلة الإرشادية مؤخراً، قضايا تهم المؤسسات المصرفية للمساهمة في تناول المواضيع ذات الأولوية خاصة على صعيد مواضيع الشمول المالي والتقنيات المالية والتمويل المسؤول. كما نوه معاليه بإهتمام الصندوق في بناء ثقافة مجتمعية تدرك الفرص والمخاطر في الخدمات المالية، خاصةً للفئات الشابة، من خلال المبادرة بإطلاق عدد من الكتيبات للنشئ بغرض المساهمة في جهود التوعية حول القضايا المالية والمصرفية، بما في ذلك التوعية بالتحول الرقمي والتقنيات الحديثة.

 

وفيما يلي النص الكامل للكلمة:

 

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

أسعد الله أوقاتكم بكل خير وسرور ونسأل الله العلي القدير أن يرفع عنا وعن دول العالم أجمع هذا الوباء، وأن يحفظ العالم من كل مكروه،

يسرني بدايةً أن أتقدم بالشكر الجزيل لاتحاد المصارف العربية، والمفوضية المصرفية الأوروبية، وجمعية المصارف الإيطالية على دعوتهم الكريمة للتحدث في القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2021، التي تأتي هذا العام تحت عنوان "استراتيجيات التعافي ما بعد الأزمة: تعزيز التنمية المستدامة والقدرة على تحمل الديون".

 

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

تظهر تقديرات المؤسسات الدولية أن أداء الاقتصاد العالمي سيشهد تحسناً خلال عامي 2021 و 2022، ليعكس إتجاهاً للتعافي من تداعيات جائحة كورونا في ضوء التوسع في تقديم اللقاحات وعودة النشاط لعدد من القطاعات الاقتصادية، حيث تشير التوقعات إلى تحقيق معدل نمو يقدر بنحو 6.0 و 4.4 في المائة للعامين على التوالي. إلا إن هذا التعافي، يواجه عدد من المخاطر، أبرزها إحتمالات تعذر إحتواء الفيروس، وإحتمالات نشوب أزمة مديونية عالمية في ضوء ارتفاع الدين العالمي بنحو 24 تريليون دولار، ليصل إلى ما نسبته 355 في المائة من الناتج العالمي مع نهاية عام 2020، مع التوقع بإستمرار السياسات المالية والنقدية التوسعية لدعم مرحلة التعافي. كما يتعين عدم إغفال الآثار الاقتصادية والإجتماعية للجائحة نتيجة فقدان الوظائف، إذ تم فقدان نحو 225 مليون وظيفة خلال عام 2020 وفقاً لإحصاءات منظمة العمل الدولية.

فيما يتعلق بالدول العربية، فيقدر أن ينعكس التعافي المتوقع للتجارة الدولية وزيادة مستويات الطلب العالمي على النفط وأسعاره، إضافة لسياسات دعم التعافي والنمو التي أقدمت عليها معظم الدول العربية، حيث وصل حجم حزم التحفيز المقدمة إلى نحو 264 مليار دولار خلال عام 2020، في تحقيق معدل نمو متوقع سيصل إلى نحو 2.8 في المائة عن عام 2021 ويرتفع إلى نحو 3.6 في المائة عن عام 2022، وفقاً لتقديرات صندوق النقد العربي، وذلك مقارنةً بإنكماش وصلت نسبته إلى 4.4 في المائة عن العام الماضي 2020. إلا أن سرعة التعافي قد تتباين بين الإقتصادات العربية، بحسب سلامة الأنظمة الصحية ومدى توفر الحيز المالي لإستمرار سياسات التعافي، وطبيعة الهياكل الاقتصادية والتقدم التقني والقدرة على توظيف التقنيات الحديثة.

لا شك أن أبرز الأولويات على صعيد السياسات في هذه المرحلة، تتمثل في إﺳﺗﻣرار اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟﻧﻘدﯾﺔ واﻟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﯾﺳﯾرﯾﺔ ﻣﻊ ﺗﻘﯾﯾم ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ﺣزم اﻟﺗﺣﻔﯾز، واﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﺗدﺧﻼت اﻻﻧﺗﻘﺎﺋﯾﺔ ذات اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘوﯾﺔ ﺑدﻋم اﻟﺗﻌﺎﻓﻲ واﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟوظﺎﺋف، إلى جانب ﻣواﺻﻠﺔ اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﮭﺎدﻓﺔ إﻟﻰ زﯾﺎدة ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻣروﻧﺔ واﻟدﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وﺗﺑﻧﻲ اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﻣؤﺳﺳﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺗﮭﯾﺋﺔ اﻟﺑﯾﺋﺔ اﻟﻣواﺗﯾﺔ ﻟدﻋم اﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص ودعم التحول المالي الرقمي. أخيراً هناك حاجة للمزيد من اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ اﻟﺗداﺑﯾر اﻟﮭﺎدﻓﺔ إﻟﻰ دﻋم اﻟﻣؤﺳﺳﺎت متناهية الصغر واﻟﺻﻐﯾرة واﻟﻣﺗوﺳطﺔ، إضافة للعمل على تعزيز ﻣﺳﺗوﯾﺎت رأس اﻟﻣﺎل اﻟﺑﺷري ﻟﺗﺟﺎوز ﺧﺳﺎﺋر اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن اﻟﺟﺎﺋﺣﺔ.

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

اسمحوا لي أن أنتقل إلى التداعيات والتحديات على القطاع المصرفي في هذه المرحلة لدعم التعافي، التي يمكن حصرها في:

  • أهمية المحافظة على الاستقرار المالي وسلامة ونزاهة المعاملات المالية والمصرفية.
  • تعزيز التنسيق بين السياسة الاحترازية الكلية والسياسات الاقتصادية.  
  • تسريع التحول المالي الرقمي وتطوير خدمات مالية ومصرفية مبتكرة، في ضوء تنامي المنافسة مع مزودين جدد للخدمات المالية الرقمية.
  • مواجهة تداعيات تغيرات المناخ والمتطلبات من المؤسسات المالية والمصرفية.
  • تعزيز التمويل المسؤول والمسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية لخدمة التنمية المستدامة.
  • الإرتقاء بمنظومة وأدوات تسوية المدفوعات محلياً وعبر الحدود.

 فكما تعلمون، شكلت جائحة فيروس كورونا تحديات للنظام المصرفي وللمحافظة على الإستقرار المالي، حيث كان هناك تأثيرات سلبية من خلال تزايد إحتمالية تعثر عملاء البنوك والمؤسسات المالية، من قطاعي الشركات على اختلاف أحجامها والأفراد على حد سواء، مما تطلب إجراءات فورية من قبل المصارف المركزية، بشكل يحافظ على صحة ومتانة القطاع المالي واستمراريته وفق قواعد العمل المصرفي والمالي السليم، والحفاظ على استدامة الشركات، خاصة منها المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، إضافةً لحماية الأفراد من مخاطر تعثرهم وعدم قدرتهم على السداد، حفاظاً على تصنيفهم الإئتماني.

ولا يخفى أن العديد من المصارف المركزية قامت بإتخاذ إجراءات تحفيزية ووقائية، شمل ضخ السيولة في القطاع المصرفي من خلال تخفيض أسعار أدوات السياسة النقدية ونسبة الإحتياطي النقدي الإلزامي بما يتماشى مع الظروف الاقتصادية المحلية والعالمية. كما قامت بتعزيز منظومة ضمان القروض دعماً للقطاعات الإنتاجية، الأمر الذي ساعد القطاع المصرفي على تأجيل قروض الأفراد والشركات. لكن في الوقت نفسه، وبالرغم من تمتع القطاع المصرفي في معظم دول العالم بمستويات جيدة من كفاية رأس المال والسيولة ومخصصات الديون المتعثرة، إلا أنه من المتوقع أن ترتفع نسب التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات بعد سحب أو تخفيف حزم الدعم التي تم تطبيقها خلال فترة الجائحة، الأمر الذي سيشكل أمام السلطات الرقابية تحديات جديدة.

ولعلها مناسبة أن نشيد هنا بما قامت به المصارف المركزية العربية من جهود، عززت سلامة ومتانة القطاع المصرفي العربي خلال الجائحة. فعلى سبيل المثال، حققت مؤشرات المتانة المالية للقطاع المصرفي في الدول العربية نتائج جيدة في عام 2020، وإن كان هناك تراجع في مستويات الربحية. فعلى صعيد كفاية رأس المال، بلغ متوسط النسبة في المنطقة العربية حوالي 17.8 في المائة في نهاية عام 2020، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية ويعزز من قدرته على استيعاب الخسائر المحتملة (ومنها صدمة جائحة فيروس كورونا المستجد). في المقابل، إنخفضت جودة الأصول لدى القطاع المصرفي العربي في عام 2020، حيث شهد متوسط نسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات إرتفاعاً بسيطاً في عام 2020 لتبلغ نحو 8.3 في المائة، بعد أن كانت 7.5 في المائة في نهاية عام 2019، ومن المتوقع أن يرتفع هذا المتوسط بعد سحب حزم أو تخفيف حزم الدعم التي تبنتها المصارف المركزية. بناءً على ذلك، من المناسب الإستعداد لذلك في إطار تبني إستراتيجيات التعافي. ولعل تطبيق المعيار الدولي رقم 9 (IFRS9) سيخفف من حدة مخاطر الديون المتعثرة، حيث يشمل نطاق تطبيق المعيار التسهيلات الإئتمانية الجيدة والأقل جودة. بالتالي، سيؤدي إلى تعزيز متانة وملاءة البنوك والتحوط للصدمات المحتملة، فالمخصصات الإضافية التي قد تنتج عن تطبيق المعيار (خاصة في بداية التطبيق) تزيد من قدرة البنوك على مواجهة المخاطر وتمثل حماية إضافية لرأس المال، حيث يعزز هذا المعيار كما تعلمون من تحوط البنوك للمخاطر من خلال بناء مخصصات تأخذ بالإعتبار البعد التنبؤي للخسائر (بما يشمل البعد الاقتصادي) من اليوم الأول لمنح الإئتمان، وهذا بدوره يمثل هامش تحوط إضافي يقلل العبء على رأس المال ويعزز من ملاءة البنوك.

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

مع إعادة الفتح التدريجي للقطاعات الاقتصادية، وبدء حملات التلقيح الوطنية منذ نهاية عام 2020، ودخول مرحلة التعافي التدريجي، فقد شجع الأمر على تمديد إجراءات دعم النشاط الاقتصادي لفترة لما بعد الأزمة، بما في ذلك الإستمرار في تبني سياسة نقدية تيسيرية لترسيخ التعافي الإقتصادي، مما يعني التريث في رفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية لفترة زمنية مناسبة، على أن يكون الرفع متدرج بشكلٍ متناسق مع التغيرات الحاصلة على أدوات السياسة المالية والسياسة الإحترازية الكلية.

في هذا السياق، يبرز أهمية التنسيق بين السياسات الاقتصادية والسياسة الإحترازية الكلية، والإنتباه إلى ملائمة توقيت تخفيف أو سحب إجراءات الدعم، كأحد أدوات نجاح الإجراءات المتخذة لدعم التعافي الإقتصادي. حيث إن سحب حزم الدعم بشكل مبكر، قد يؤدي إلى تراجع حجم الإئتمان المطلوب لدعم قطاعي الشركات والأسر، في حين إن التأخر في سحبها قد يزيد من المخاطر النظامية في القطاع المالي. كذلك هناك حاجة للإستمرار في تبني برامج تمويل حكومية لدعم النشاطات الاقتصادية الإنتاجية بأسعار فائدة وآجال مناسبة، بما يوازن بين التحفيز المتوخى والتكلفة على الخزينة. ومن الأهمية بمكان مواصلة قيام المصارف المركزية بالتعاون مع البنوك التجارية بتعزيز دور مؤسسات ضمان القروض في دعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتوفير الضمانات اللازمة لتعزيز فرص وصول هذه المشروعات إلى التمويل.

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

على صعيد آخر، أثبتت جائحة فيروس كورونا أهمية التحول الرقمي، فمن جهة ساهمت التقنيات المالية الحديثة في استمرار الخدمات المقدمة من القطاعين العام والخاص، ومن جهة أخرى الحد من المخاطر الصحية. لذا تبرز أهمية تعزيز البنية التحتية الرقمية للقطاع المالي، وتشجيع التحول الرقمي، وإيجاد فرص تطويرية واستثمارية في مجالات التقنيات المالية محلياً، لتعزيز القدرات التنافسية للقطاع المحلي الخاص.

لا شك أن التداعيات السلبية لجائحة كورونا أبرزت بوضوح الأهمية الكبيرة لتوظيف التقنيات الحديثة لتعزيز الخدمات المصرفية الرقمية وتوعية مستخدميها. لقد عززت جائحة كورونا الطلب على الخدمات المالية الرقمية، وجعلت الحاجة إلى تسريع التحول الرقمي وتحسين الخدمات المالية الرقمية أمراً بالغ الأهمية في السياسات الاقتصادية للمنطقة العربية.

تُظهر الإحصاءات المتاحة الفرص الكبيرة الكامنة في تطوير الخدمات الرقمية، إذ أن حوالي 85 في المائة من البالغين في المنطقة العربية لديهم هاتف محمول، و48 في المائة ممن لديهم هاتف محمول يمكنهم في نفس الوقت النفاذ إلى الشبكة الإلكترونية، و7 في المائة لديهم حسابات عبر الهاتف المحمول، ونحو 33 في المائة قاموا بإرسال أو تلقي مدفوعات رقمية، مقارنة بـنحو 44 في المائة على مستوى العالم، وهذه إحصاءات تشهد زيادة مضطردة لتبرز الفرص المتاحة لتسريع التحول المالي الرقمي في الدول العربية.

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

تشهد صناعة الخدمات المالية الرقمية نمواً في المنطقة العربية، حيث تساهم الأنشطة الرقمية وفقاً للتقارير الدولية بنحو 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية. كما أن هناك تزايداً مستمراً في عدد شركات التقنيات المالية الحديثة، يقترب من نحو 500 شركة في عام 2020 أكثر من نصفهم شركات ناشئة، مقابل 167 شركة قبل خمس سنوات و62 شركة فقط قبل عشر سنوات.

أما عن القطاعات الأكثر إنتشاراً لإستخدام التقنيات المالية الحديثة في دولنا العربية، فتستحوذ المدفوعات والتحويلات على الحصة الأكبر من مجالات التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية، بنسبة 44 في المائة من ضمن الحلول التي تقدمها شركات التقنيات المالية الحديثة، تتضمن تلك الحلول الحوافظ الرقمية للهواتف المحمولة وبوابات الدفع عبر الشبكة الدولية للمعلومات.

مع ذلك، هناك حاجة لمزيد من العمل لخلق البيئة التشريعية والتنظيمية المحفزة والبنية التحتية المشجعة على نمو صناعة وخدمات التقنيات المالية الحديثة. فعلى سبيل المثال، عكس مؤشر التقنيات المالية الحديثة لصندوق النقد العربي (FINXAR) الاهتمام والجهود التي قامت بها السلطات في الدول العربية في الأعوام الثلاث الماضية، نحو الارتقاء بفرص نمو التقنيات المالية وتوظيفها، حيث يظهر المؤشر تحسن بيئة الخدمات المالية الرقمية وتنفيذ برامج وأنشطة وطنية للتحول الرقمي خلال عام 2020. إلا أن المؤشر يبرز في المقابل عدد من التحديات التي تستلزم المزيد من الجهود خاصة على صعيد تسهيل وصول مزودي خدمات التقنيات المالية الحديثة ورواد الأعمال والشركات الناشئة إلى التمويل، ومتابعة تطوير التشريعات والبنية التحتية المالية المحفزة.

في هذا الإطار، يولي صندوق النقد العربي اهتماماً كبيراً بمواضيع التحول المالي الرقمي في إطار مجموعة العمل الإقليمية للتقنيات المالية الحديثة وأنشطة مبادرة الشمول المالي للمنطقة العربية، حيث عمل الصندوق على تعزيز الحوار حول التحول المالي الرقمي، من خلال عدد كبير من الاجتماعات وورش العمل والحلقات النقاشية "عن بُعْد"، لخبراء تطبيقات التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية.

وتعزيزاً لذلك، أصدر الصندوق في سبتمبر 2020 وثيقة رؤية حول "إطار التحول المالي الرقمي في الدول العربيّة". هدفت الوثيقة إلى دعم جهود الدول العربية على صعيد التحول المالي الرقمي، وتطوير الخدمات الرقمية، حيث تناولت متطلبات وخطوات التحوّل المالي الرقمي في الدول العربيّة، وقدمت رؤية متكاملة للإنتقال إلى الخدمات المالية الرقميّة والمتطلبات من السياسات والتقنيات لبناء البيئة المشجعة لتطويرها في الدول العربية. ويعمل الصندوق حالياً إنطلاقاً من محاور العمل الواردة في الوثيقة، على بناء شراكات مع مختلف المؤسسات المالية الإقليمية والدولية ووكالات التنمية العالمية لدعم مساعي التحول المالي الرقمي في الدول العربية.

في نفس الإطار، عمل الصندوق على إصدار مجموعة من الأدلة والمبادئ الإرشادية، شملت مواضيع الهوية الرقمية وقواعد إعرف عميلك الإلكترونية في الدول العربية، والسلامة الإلكترونية للبنية التحتية المالية في الدول العربية، وبناء إستراتيجيات وطنية للتقنيات المالية الحديثة، وإرشادات التمويل البديل للدول العربية، والعمليات المصرفية المفتوحة، ومؤخراً دليل إرشادي حول تنظيم خدمات المحافظ الرقمية.

وسيستمر الصندوق في جهوده لدعم مساعي السلطات الإشرافية في الدول العربية، والمساهمة في جهود التوعية وبناء القدرات وإيجاد منصات للحوار وتناول الخبرات ونقل المعرفة.

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

إلى جانب التحول الرقمي، فإن من المواضيع ذات الأهمية والتأثير على تطور الخدمات المالية والمصرفية، يأتي مواجهة مخاطر تغيرات المناخ، ولا بد من الإشارة إلى وجود علاقة وثيقة بينها وبين المخاطر الصحية وتداعيات ذلك على الإستقرار المالي. فقد ينتج عن بعض أحداث الكوارث والمناخ حدوث ارتفاع في المخاطر الصحية (مثل انتشار الفيروسات). وعليه لا بد من التنبه إلى هذه المخاطر، والإستعداد مبكراً لتبني استراتيجيات تحد من مخاطر الكوارث الطبيعية وتغير المناخ.

 تشير الإحصائيات إلى أن الخسائر المرتبطة بالأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية والتغير بالمناخ تضاعفت أربع مرات منذ الثمانينيات، حيث ارتفعت من 50 مليار دولار سنوياً في الثمانينيات إلى نحو 200 مليار دولار خلال العقد الماضي، الأمر الذي يشير إلى أهمية وضع خطة استراتيجية لعملية التحول التدريجي للمنتجات الصديقة للبيئة بالتنسيق والتعاون بين المصرف المركزي والقطاع المصرفي والجهات الرسمية المعنية بموضوع التغيرات المناخية والبيئية، وذلك للحد من مخاطر التحول. إضافةً إلى تبني المصرف المركزي برامج دعم للمشروعات صديقة البيئة، بتمويل بأسعار فائدة وآجال مناسبة، وتعزيز التمويل المستدام والمسؤول، وتقديم الحوافز للبنوك التجارية وأصحاب المشاريع الصديقة للبيئة بشكل مدروس.

في هذا الإطار، يُعتبر التنسيق والتعاون بين المصرف المركزي ووزارة المالية والجهات الأخرى ذات العلاقة لتعزيز دور السياسة المالية في دعم التحول البيئي نحو المشاريع منخفضة "غاز الكربون"، ضرورةً ملحة لتوحيد الجهود الحكومية لدعم التنمية المستدامة. من ناحية أخرى، تبرز أهمية قيام المصرف المركزي بالنظر في إمكانية إنشاء صندوق للتعافي من الكوارث بإشرافه، يُنظر في تمويله شاملاً مساهمات سنوية من البنوك والقطاع الخاص. كذلك يتوجب العمل على تعظيم الإستفادة من التقنيات المالية الحديثة، حيث إن تنفيذ العمليات المالية الرقمية أثناء الكوارث الطبيعية ساهم في الحد من انقطاع الأعمال. في الوقت نفسه، من المهم دراسة سبل تعزيز الأمن الإلكتروني وأمن المعلومات، وتوفير البنية التحتية الملاءمة والدعم التقني المناسب.

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

يعتبر التمويل المسؤول أحد أهم العناصر التي تساهم في الحد من أثر تغيرات المناخ على الاستقرار المالي، وتبرز هنا المسؤولية المجتمعية للقطاع المصرفي في دعم المشاريع الصديقة للبيئة ذات الانبعاثات "منخفضة غاز الكربون"، وأخذ الجوانب البيئية في الاعتبار قبل منح الائتمان، ذلك بهدف تعزيز التمويل المسؤول. لا بد من الإشارة إلى أنه في العديد من الدول، أسفرت جهود المصارف المركزية في مجال التمويل المسؤول، عن زيادة في عدد وقيمة القروض التجارية التي قدمتها البنوك للمشاريع الصديقة للبيئة. في المنطقة العربية، تبنى القطاع المصرفي في عدد من الدول العربية تقديم منتجات تحد من تداعيات تغير المناخ، تشمل القروض المسؤولة (الخضراء) وتمويل المشاريع والمنتجات المالية المختلفة والصناديق الاستثمارية الخضراء.

لعل من المناسب الإشارة أن الصندوق يعمل بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدراسة مدى مراعاة تطبيق المعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة في استثمارات صناديق التقاعد والمعاشات في المنطقة العربية، بما يمهد لتطوير السياسات والإجراءات التي تعزز من تطبيق هذه المعايير في المعاملات المالية والمصرفية، وأهمية ذلك في المساهمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

يحظى موضوع تطوير نظم الدفع عبر الحدود باهتمام كبير من قبل مجموعة العشرين للرئاسة السعودية والرئاسة الايطالية على السواء، سعياً وراء تعزيز كفاءة وسلامة معاملات الدفع والتحويل بما يخدم أغراض تعزيز التدفقات المالية ودعم النزاهة والإستقرار. وهناك إرشادات صدرت عن المجموعة ومجلس الاستقرار المالي، تمثل إطاراً لتطوير نظم الدفع الإقليمية والدولية.

يسرني الإفادة أن منصة "بُنى" للمدفوعات العربية، التي أنشأها الصندوق مؤخراً بدعم وتعاون المصارف المركزية العربية وتعاون المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية العالمية، تمثل نموذجاً للتوافق مع إرشادات مجموعة العشرين.

تجدر الإشارة إلى أن منصة "بُنى" تشكل نظام متكامل ومتخصص في توفير خدمات مقاصة وتسوية المدفوعات بالعملات العربية والدولية، تهدف إلى تمكين المؤسسات المالية والمصرفية في المنطقة العربية من إرسال واستقبال المدفوعات البينية في جميع أنحاء المنطقة العربية وخارجها بصورة آمنة وموثوقة وبتكلفة مناسبة وفعالية عالية. تقدم منصة "بُنى" إلى البنوك حلول دفع حديثة تتوافق مع المعايير والمبادئ الدولية ومتطلبات الامتثال الدولية. تساهم "بُنى" في تعزيز فرص التكامل الاقتصادي والمالي في المنطقة العربية ودعم الروابط الاستثمارية مع الشركاء التجاريين في مختلف القارات.  وللعلم، المشاركة في المنصة متاح لكافة البنوك والمؤسسات المالية التي تستوفي معايير وشروط المشاركة فيها، وفي مقدمتها المعايير والإجراءات الخاصة بجوانب الامتثال. ولدى المنصة إستراتيجية متكاملة لتطوير الخدمات المقدمة بدء بخدمات الدفع الفوري التي يجري العمل عليها الآن واستكمالاً بخدمات تمويل التجارة ومعاملات أسواق المال عبر الحدود.

تقدم المنصة خدمات الدفع والتسوية بعملات عربية ودولية تشمل الآن الدرهم الإماراتي والريال السعودي والجنيه المصري والدولار الأمريكي واليورو، إلى جانب عملات عربية وآسيوية سيتم الإعلان عنها قريباً. وهناك تواصل ومشاورات حالياً مع حوالي 164 بنك، منهم 101 بنك في طور النقاش التقني، و32 بنك أتموا الجهوزية التقنية للربط مع المنصة.

كذلك من المناسب الاشارة، أن البنوك العالمية التي توفر خدمات التسوية بالدولار الأمريكي واليورو تشجع البنوك على استخدام منصة "بنى" للتحويلات نظراً لخاصية التحقق من الامتثال التي توفرها المنصة، حيث تتكامل خدمات منصة "بُنى" للمدفوعات مع خدمات البنوك المراسلة المستخدمة حالياً، بما يوفر للبنوك المرتبطة قنوات متعددة الإجراء لعمليات التحويل بعملات مختلفة.

لعل التحدث اليوم إليكم في القمة المصرفية المنعقدة في مدينة روما، هي مناسبة للاشارة إلى الفرص الكبيرة التي يتيحها تضمين اليورو في منصة بنى من آفاق واسعة لتنمية المبادلات الاستثمارية والمالية والتجارية بين العالم العربي والقارة الاوروبية، وهي مناسبة أيضاً للاشادة بدعم وتعاون البنك المركزي الأوروبي والبنوك المركزية في منطقة اليورو، والتعاون متواصل الآن مع البنك المركزي الأوروبي على صعيد اختبارات المدفوعات الفورية بدعم من الرئاسة الايطالية لمجموعة العشرين تمهيداً لاطلاق خدمات الدفع الفوري بين المنطقتين، الأمر الذي يجسد القبول الدولي لمنصة بنى وما تقدمه من خدمات مضافة على صعيد تعزيز الكفاءة والامتثال.

ولا شك أن تحقيق المنافع الإستراتيجية لخدمات المنصة يتحقق مع مشاركة أكبر عدد من البنوك والمؤسسات المالية.   

أصحاب المعالي والسعادة الحضور،

يولي الصندوق إهتماماً كبيراً بتعزيز التعاون مع إتحاد المصارف وجمعيات واتحادات البنوك والبنوك العاملة في المنطقة العربية وخارجها، حيث يعمل الصندوق باستمرار على توسيع التعاون والمشاركة للبنوك في أنشطة الصندوق ومؤسساته الشقيقة: برنامج تمويل التجارة العربية والمؤسسة الإقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية. كما استهدف الصندوق في إصداره للعديد من التقارير والادلة الارشادية مؤخراً قضايا تهم المؤسسات المصرفية للمساهمة في تناول المواضيع ذات الأولوية خاصة على صعيد مواضيع الشمول المالي والتقنيات المالية والتمويل المسؤول. وبالطبع نتطلع للمزيد من التعاون مع القطاع المصرفي.

اسمحوا لي قبل الختام أن أنوه في هذه المناسبة بإهتمام الصندوق في بناء ثقافة مجتمعية تدرك الفرص والمخاطر في الخدمات المالية والمصرفية، خاصةً للفئات الشابة، لذا بادر صندوق النقد العربي بإطلاق عدد من الكتيبات للنشئ بغرض المساهمة في جهود التوعية حول القضايا والخدمات المالية، بما في ذلك التوعية بالتحول الرقمي والتقنيات الحديثة، آملين أن تساهم هذه الكتيبات في تحقيق الغرض المنشود منها.

في الختام، أود أن أجدد الشكر لمنظمي القمة المصرفية، متطلعاً لتحقق التعافي الاقتصادي المنشود والترحيب بكم في مدينة أبوظبي، مقر صندوق النقد العربي في مناسبات قريبة.  

أخيراً، أتقدم بالشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،