معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في الاجتماع عالي المستوى حول حوكمة شركات التأمين ومكافحة الجرائم المالية

39.5 مليار دولار أمريكي حجم إجمالي أقساط التأمين القائمة بنهاية عام 2020

1.9 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي هي حصة أقساط التأمين في الدول العربية

التأكيد على أهمية تعزيز حوكمة شركات التأمين للإستفادة من الفرص الكبيرة  للنمو

الدعوة لتحقيق التوازن بين تحفيز توظيف التقنيات الحديثة لزيادة الوصول لخدمات
التأمين
 والحاجة لتطوير الضوابط التي تساعد على التحوط من المخاطر والجرائم المالية

ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمةً في افتتاح الاجتماع عالي المستوى حول حوكمة شركات التأمين ومكافحة الجرائم المالية، الذي ينظمه صندوق النقد العربي "عن بُعد"، بحضور كبار المسؤولين في كل من هيئات الإشراف على التأمين، والبنوك المركزية، ووحدات الاستعلام المالية، وشركات التأمين في الدول العربية. كما شارك في الاجتماع خبراء من كل من مجموعة إيجمونت، وصندوق النقد الدولي، وبنك التسويات الدولية، والإتحاد الدولي لهيئات الإشراف على التأمين، إلى جانب المعهد السويسري للتأمين.

أشاد معاليه في بداية الكلمة بالموضوعات التي يناقشها الاجتماع، مبيّناً في هذا الصدد أهمية موضوع حوكمة شركات التأمين، الذي يتضمن دور السلطات الرقابية والمدقق الداخلي والخارجي في تعزيز الحوكمة، والشروط والمعايير الواجب توفرها في تشكيلة مجلس إدارة شركة التأمين واللجان المنبثقة عنه، ودور دوائر الامتثال والمخاطر، ووضع مؤشرات أداء رئيسة وتقييم الأداء المؤسسي، إلى جانب اعتماد أنظمة ضبط ورقابة داخلية.

كما أشاد معالي الحميدي بالموضوع الثاني الذي يتناول المخاطر التي قد تتعرض لها شركات التأمين نتيجة الجرائم المالية، بما يشمل طرق استغلال قطاع التأمين من قبل مرتكبي الجرائم المالية ودور السلطات الرقابية في الحد منها، وأفضل الممارسات الخاصة بالرقابة على شركات التأمين ومدى كفاية أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لديها، ودور مجلس الإدارة باعتماد سياسة شاملة لمكافحة الجرائم المالية، وطرق الحد من المخاطر التي قد تنجم عن استخدام التقنيات المالية الحديثة في قطاع التأمين، إضافةً إلى التحديات والمخاطر القانونية والمالية والسمعة التي يواجهها القطاع بسبب الجرائم المالية.

أكد معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، على الدور الهام الذي يلعبه قطاع التأمين في دعم الإقتصاد الوطني في الدول العربية، مبيّناً في هذا الصدد أن قطاع التأمين في الدول العربية شهد نمواً خلال السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن إجمالي أقساط التأمين القائمة بلغت في نهاية عام 2020 ما يُقارب 39.5 مليار دولار أميركي لجميع أنواع التأمين، مقابل 38.9 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2019. أكد معاليه كذلك، على حاجة قطاع التأمين في الدول العربية إلى التوسع، بما يعكس الفرص المتاحة لنمو القطاع، مبيّناً أن أقساط التأمين لا تتجاوز 1.9 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي للدول العربية، وهي نسبة تقل عن النسب المماثلة للمجموعات الإقليمية الأخرى، مبيناً كذلك أن الحصة السوقية لقطاع التأمين في الدول العربية تمثل ما نسبته 0.75 في المائة من السوق العالمية للتأمين، وهي حصة صغيرة مقارنة بالمجموعات الأخرى.

من جانب آخر، بيّن معاليه أن تطبيق ممارسات الحوكمة السليمة بما ينسجم مع أفضل المعايير العالمية، يساعد في تمكين قطاع التأمين في الدول العربية من تحقيق قدراته الكبيرة للنمو، إلى جانب تعزيز ثقة المتعاملين بالسوق، وجذب المزيد من الإستثمارات الأجنبية.

كما أشار معاليه إلى الفرص التي تقدمها التقنيات المالية وتطبيقاتها المختلفة لشركات التأمين، منوهاً في نفس الوقت بالتحديات المصاحبة لها، الأمر الذي يتطلب التوازن بين تحفيز توظيف التقنيات الحديثة لزيادة الوصول لخدمات التأمين من جهة، والحاجة لتطوير الضوابط والادوات التي تساعد على التحوط من المخاطر والجرائم الجديدة التي قد تنشأ عنها من جهة أخرى.

أخيراً، أكد معالي الدكتور الحميدي إهتمام صندوق النقد العربي بتعزيز التعاون مع هيئات الإشراف على التأمين بما يخدم تطور قطاع التأمين في الدول العربية وزيادة مساهمته في النشاط الاقتصادي.

وفيما يلي النص الكامل للكلمة:

أصحاب السعادة،

 حضرات السيدات والسادة المتحدثين والمشاركين،

أسعد الله أوقاتكم بكل خير وسرور ونسأل الله العلي القدير أن يرفع عنا وعن دول العالم أجمع هذا الوباء، وأن يحفظ العالم من كل مكروه،

يسعدني في بداية الكلمة أن أرحب بكم جمعياً من هيئات الإشراف على التأمين والمصارف المركزية ووحدات الاستعلام المالية وشركات التأمين في الدول العربية، كما أرحب بممثلي المؤسسات المالية والهيئات الدولية ذات العلاقة، فضلاً عن الخبراء البارزين، الذين يحضرون جميعاً هذا الاجتماع عالي المستوى حول "حوكمة شركات التأمين ومكافحة الجرائم المالية". يُعد هذا الاجتماع جزءاً من سلسلة من المشاورات التي يجريها صندوق النقد العربي بين صانعي السياسات في قطاع التأمين في المنطقة العربية منذ أكتوبر 2020.

كما لا يفوتني أن أشكر صندوق النقد الدولي، وبنك التسويات الدولية، والإتحاد الدولي لهيئات الإشراف على التأمين، ومجموعة "الإيجمونت"، والمعهد السويسري للتأمين، والمصارف المركزية ووحدات الاستعلام المالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الدول العربية.

السيدات والسادة الحضور،

يتناول اجتماعنا اليوم، موضوع "حوكمة شركات التأمين"، بما يشمل دور السلطات الرقابية والمدقق الداخلي والخارجي في تعزيز الحوكمة، والشروط والمعايير الواجب توفرها في تشكيلة مجلس إدارة شركة التأمين واللجان المنبثقة عنه، واعتماد حدود للمسؤولية والمساءلة لجميع المستويات الوظيفية والإدارية، ودور دوائر الامتثال والمخاطر، ودور مجلس الإدارة في الحد من المخاطر التي قد تتعرض لها الشركة وفي التحقق من قيام الإدارة التنفيذية بمعالجة نقاط الضعف والملاحظات الواردة في تقارير التدقيق الداخلي والخارجي، ووضع مؤشرات أداء رئيسة وتقييم الأداء المؤسسي، إلى جانب اعتماد أنظمة ضبط ورقابة داخلية.

كما يتناول موضوع "المخاطر التي قد تتعرض لها شركات التأمين نتيجة الجرائم المالية"، بما يشمل طرق استغلال قطاع التأمين من قبل مرتكبي الجرائم المالية ودور السلطات الرقابية في الحد منها، وأفضل الممارسات الخاصة بالرقابة على شركات التأمين ومدى كفاية أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لديها، ودور مجلس الإدارة باعتماد سياسة شاملة لمكافحة الجرائم المالية، وطرق الحد من المخاطر التي قد تنجم عن استخدام التقنيات المالية الحديثة في قطاع التأمين، والتحديات والمخاطر القانونية والمالية والسمعة التي يواجهها القطاع بسبب الجرائم المالية، وسبل ووسائل التطوير المستمر لإجراءات شركات التأمين لنظام "إعرف عميلك"، من خلال الاهتمام بعملية التحري عن بيانات العميل وربطها بالجهات ذات الصلة في مجال مكافحة الجرائم المالية، إضافةً إلى مدى تنفيذ نظام امتثال وإفصاح فعال ضمن البيئة التنظيمية لمكافحة الجرائم المالية.

السيدات والسادة الحضور،

كما تعلمون تواجه السلطات الاشرافية في الدول العربية تحديات بخصوص تطوير القطاع المالي غير المصرفي وزيادة الوعي بأهميته وفهم مخاطره، خاصةً قطاع التأمين، الذي يعتبر عنصراً هاماً في تعزيز الإستقرار المالي، حيث يتمثل دوره في حماية الأفراد والممتلكات من المخاطر، إضافة إلى تجميع المدخرات الوطنية وتنميتها لتعزيز التنمية الاقتصادية. وفي الدول العربية، يلعب قطاع التأمين دوراً هاماً في دعم الإقتصاد الوطني كونه من أهم قطاعات الخدمات المالية غير المصرفية، حيث يسهم في دعم الأنشطة الإقتصادية والمحافظة على استقرارها.

شهد قطاع التأمين في الدول العربية نمواً خلال السنوات الأخيرة تزامن مع التطورات التي تشهدها اقتصادات المنطقة العربية التي تعزز الحاجة لخدمات التأمين، حيث بلغ إجمالي أقساط التأمين القائمة في نهاية عام 2020 ما يُقارب 39.5 مليار دولار أميركي لجميع أنواع التأمين التقليدية والإسلامية مقابل 38.9 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2019.

على الرغم من النمو المسجّل في الرصيد القائم لأقساط التأمين، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى التوسع، بما يعكس الفرص المتاحة لنمو القطاع، حيث لا تتجاوز هذه الأقساط نحو 1.9 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي للدول العربية، وهي نسبة تقل عن النسب المماثلة للمجموعات الإقليمية الأخرى. كذلك، تمثل الحصة السوقية لقطاع التأمين في الدول العربية ما نسبته 0.75 في المائة من السوق العالمية للتأمين، وهي حصة متواضعة إذا ما قورنت بالحصص السوقية للمناطق الأخرى الأمر الذي يعكس أهمية قيام السلطات الإشرافية في الدول العربية بمواصلة جهودها الساعية إلى تطوير هذا القطاع.

السيدات والسادة الحضور،

لا شك أن تطبيق ممارسات الحوكمة السليمة بما ينسجم مع أفضل المعايير العالمية ومنها مبادئ الجمعية الدولية لهيئات الإشراف على التأمين، يساعد في تمكين قطاع التأمين في دولنا العربية من تحقيق قدراته الكبيرة للنمو. كما يؤدي تطبيق الضوابط إلى تعزيز ثقة المتعاملين بالسوق ويجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وهذا الأمر أثبتته العديد من الدراسات في جميع الأسواق التي تطبق حوكمة الشركات، عدى عن دور ذلك في زيادة المصداقية والشفافية في هذه الأسواق. كما يحتل تطبيق الحوكمة في شركات التأمين خصوصية هامة، كونها تسعى لحماية حقوق حملة الوثائق والمستفيدين، مضافاً إلى حماية حملة الأسهم والأطراف ذوي العلاقة الآخرين.

لا يخفى عليكم أن سوق التأمين تعتمد الى حد كبير على وجود أساس من الثقة والسمعة الطيبة. لقد بيّنتِ الأزمات، أن هذين العنصرين يستغرقان وقتاً وجهداً كبيرين لإرسائهما، إلا أنه من الممكن خسارتهما في وقت قصير جداً. لذلك، فإنه من الأهمية بمكان أن يعمل قطاع التأمين في المنطقة العربية على بناء ثقافة قوية من الثقة والشفافية من خلال الإرتقاء بمعايير الحوكمة. حيث تشير العديد من الدراسات العالمية وفي منطقتنا العربية كذلك، أن تحسن الأداء المالي لعدد من شركات التأمين جاء كنتيجة لتطبيق حوكمة فعّالة على شركات التأمين التي تؤدي إلى زيادة في الشفافية والثقة تنعكس على أداء الشركة المالي.

من جانب آخر، تعد الجرائم المالية بأنواعها المختلفة أكثر تأثيراً وأشد خطراً على سلامة وكفاءة القطاع المالي وقدرته على التمويل، وتقوض من فرص النمو الاقتصادي، لاسيما في الوقت الراهن في ظل التقدم السريع في تطبيقات التقنيات الحديثة وتوسع أنشطة التجارة الالكترونية والعمليات المالية عبر الحدود، وبالتالي عولمة الجرائم المالية وتطور أشكالها وأنماطها.

السيدات والسادة الحضور،

تقدم التقنيات المالية وتطبيقاتها المختلفة فرصاً وتحديات لشركات التأمين، حيث تغيرت بشكل كبير طبيعة ونطاق المخاطر المالية، كما هي مفهومة تقليدياً، نتيجة لتزايد الاعتماد على التقنيات الحديثة، مما يتطلب مراعاة التوازن بين تحفيز توظيف التقنيات الحديثة لزيادة الوصول لخدمات التأمين من جهة، والحاجة من جهة أخرى لتطوير الضوابط والادوات التي تساعد على التحوط من المخاطر والجرائم التي قد تنشأ عنها.

نتطلع من خلال الورشة اليوم للعمل على تسليط الضوء على المخاطر التي تواجهها شركات التأمين، جراء ارتكاب الجرائم المالية وأثرها على استقرار الأنظمة المالية، وأفضل السبل لزيادة فعالية مكافحتها، خاصة في ضوء الإبتكارات والتقنيات المالية الحديثة وتأثير جائحة كورونا على الجرائم المالية، سعياً لتحقيق التوازن كما ذكرت بين تطوير الإبتكارات في قطاع التأمين، وتعزيز الامتثال للتشريعات والضوابط وضمان حماية البيانات في هذه الشركات والأمن الإلكتروني.

 لا أريد أن أطيل عليكم، أتمنى النجاح للاجتماع متطلعاً لتواصل تعاون صندوق النقد العربي مع هيئات الإشراف على التأمين ووحدات الإستعلام المالية، بما يخدم تطور قطاع التأمين في الدول العربية وزيادة مساهمته في النشاط الاقتصادي. كما أتطلع للترحيب بكم في أبوظبي في مناسبات قادمة.

أخيراً، أتقدم بالشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،