معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في ورشة العمل حول البنوك الرقمية: الفرص والتحديات وأطر العمل التنظيمية المُصاحبة

 البنوك الرقمية تمثل نماذج أعمال جديدة تخدم تعزيز الشمول المالي

البنوك الرقمية تساهم في تطوير الخدمات المصرفية المالية والمصرفية الرقمية

 حجم الخدمات المالية والمصرفية الرقمية على مستوى العالم بلغ 8 تريليون دولار أمريكي في عام 2021

عدم وجود الأطر التشريعية والتنظيمية المنظمة، ومستوى نضوج التقنيات المُستخدمة، تعد من التحديات التي تواجه خدمات البنوك الرقمية

أهمية تقييم مخاطر البنوك الرقمية من جهة حماية مستهلكي الخدمات المالية، وتحقق النزاهة، وتعزيز الشمول المالي، والتداعيات على الاستقرار المالي

 

ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمةً في افتتاح أعمال ورشة العمل "عن بُعد" حول البنوك الرقمية: الفرص والتحديات وأطر العمل التنظيمية المُصاحبة، بمشاركة ممثلين عن المصارف المركزية، والبنوك والمؤسسات المالية في الدول العربية، التي يأتي تنظيمها في إطار حرص صندوق النقد العربي على دعم جهود السلطات الإشرافية في الدول العربية للارتقاء بمنظومة صناعة التقنيات المالية الحديثة وتحقيق التحول الرقمي.

بيّن معاليه في بداية الكلمة أن الابتكار المالي أتاح نماذج أعمال جديدة تتعلق بتلقي الودائع والوساطة الائتمانية وزيادة رأس المال، مبيناً أن الخدمات المصرفية الرقمية وفرت فرصاً جديدة للوصول إلى العملاء من الفئات الأقل حظاً، وتقديم خدمات مالية مناسبة لهم بأسعار معقولة.

أشار معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي إلى أن العديد من البنوك في العالم، تعمل على تطوير الخدمات المصرفية الرقمية بما في ذلك التحول إلى إنشاء بنوك رقمية، مبيّناً قيام عدد من البنوك المركزية على تشجيع هذا التوجه لعدة أسباب، أهمها: مواكبة التطورات المالية الرقمية، وتطوير خدمات أكثر تلبيةً لاحتياجات العملاء، وزيادة معدلات الشمول المالي، إضافة إلى إمكانية مراقبة الأموال التي تتم من حيث الاستقبال أو التحويل داخل القطاع المصرفي بصورة لحظية.

في هذا الإطار، أشار معاليه أن حجم الخدمات المالية والمصرفية الرقمية على مستوى العالم ينمو بصورة كبيرة، منوهاً بتجاوز حجم هذه الخدمات 8 تريليون دولار أمريكي في عام 2021، ويقدر أن يتجاوز هذا الحجم 10 تريليون دولار أمريكي بحلول 2027. كما أشار معاليه أن حجم سوق البنوك الرقمية قُدر بأكثر من 12.1 مليار دولار أمريكي في عام 2020 ومتوقع ليرتفع إلى حوالي 30.1 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026.

في نفس السياق، بيّن معالي الدكتور الحميدي أن التحول الرقمي، خاصةً نماذج البنوك الرقمية المدعومة بالتقنيات الحديثة، يثير معالجة قضايا الإطار التنظيمي وكيفية تنظيم هذه الخدمات، مبيّناً قيام البنوك المركزية والسلطات التنظيمية والإشرافية الأخرى حالياً بتقييم ما إذا كان إطار البنوك الرقمية التنظيمي الحالي بحاجة إلى تعديل. كما نوّه معاليه بأهمية تقييم مخاطر البنوك الرقمية.

في الإطار ذاته، أكد معالي الدكتور عبدالرحمن الحميدي أن خدمات البنوك الرقمية تواجه العديد من التحديات من أهمها التوسع في نطاق عملها ومدى نضوج التقنيات المُستخدمة، إضافة إلى الأطر التشريعية والتنظيمية الحاكمة، مشيراً إلى أنه أصبح لزاماً الشراكة والتعاون بين مُقدمي الخدمات البنكية الرقمية من شركات التقنيات المالية الحديثة ومُشاركي البيانات والمؤسسات المالية التقليدية للوصول لأفضل نموذج يحقق مصالح العملاء والمؤسسات على حدٍ سواء، إلى جانب مناسبة أن تعمل السلطات الاشرافية على موائمة ومعالجة هذه التحديات مع وضع الأطر التشريعية والتنظيمية الملائمة لتقديم خدمات البنوك الرقمية.

أخيراً، أكد معالي الدكتور الحميدي على حرص الصندوق على دعم جهود دوله الأعضاء على صعيد التحول المالي الرقمي، من خلال أنشطة مجموعة العمل الإقليمية للتقنيات المالية الحديثة. وهي أنشطة تخدم بصورة كبيرة تعزيز القدرات لمواجهة متطلبات التحول المالي الرقمي.

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

أسعد الله أوقاتكم بكل خير وسرور، 

في البداية اسمحوا لي أن أرحب بكم جميعاً في هذه الورشة الهامة حول البنوك الرقمية: الفرص والتحديات وأطر العمل التنظيمية المُصاحبة، التي ينظمها صندوق النقد العربي. أود بدايةً أن أرحب بممثلي المصارف المركزية والبنوك والمؤسسات المالية في الدول العربية. والشكر موصول كذلك لخبراء المؤسسات الدولية المختلفة، الذين حرصوا على مشاركتنا هذه الورشة، وأخص بالذكر المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء (CGAP)، ومجلس الخدمات المالية الإسلامية، وبنك التسويات الدولية، ومجلس الاستقرار المالي، وصندوق النقد الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية. 

أتاح الإبتكار المالي نماذج أعمال جديدة تتعلق بتلقي الودائع والوساطة الائتمانية وزيادة رأس المال. وفرت الخدمات المصرفية الرقمية فرصاً جديدة للوصول إلى العملاء من الفئات الأقل حظاً، سواءً ذوي الدخل المنخفض، أو كبار السن والفئات الشابة، أو ربات البيوت، أو اللاجئين وقاطني المناطق الواعدة، الحصول على خدمات مالية مناسبة لهم بأسعار معقولة. حيث سمحت هذه الابتكارات بإطلاق خدمات مالية أكثر ملائمة للعملاء وبأسعار تنافسية، فضلاً عن استخدام تقنيات متقدمة لجمع البيانات والتحليل لتقديم منتجات لمقابلة مُختلف إحتياجات العملاء، وتقديم الخدمات المصرفية عن بُعد بشكل سريع وعلى مدار الساعة، إضافة إلى نماذج التوزيع المبتكرة.

بالتالي، نحن على أعتاب موجة جديدة من الإبتكارات المالية التي تُحول الصناعة المصرفية لتقوم على أساس الخدمات التي يتم تقديمها بغض النظر عن المؤسسات المقدمة للخدمات، وبشكل يُساهم في شمولية وتعميق الشمول المالي. جاء ذلك بفضل عدة عوامل، أهمها: هيكل تكلفة أقل وقدرة أكبر على التوسع، وتحسين القدرات التشغيلية، والتركيز على مصالح العملاء في المقام الأول من خلال تحقيق تجارب أفضل مُخصصة لهم.

حضرات السيدات والسادة،  

تعمل العديد من البنوك في العالم على تطوير الخدمات المصرفية الرقمية بما في ذلك التحول إلى إنشاء بنوك رقمية، وتعمل عدد من البنوك المركزية على تشجيع هذا التوجه لعدة أسباب، من أهمها: مواكبة التطورات المالية الرقمية، وتطوير خدمات أكثر تلبيةً لاحتياجات العملاء، وزيادة معدلات الشمول المالي، إضافة إلى إمكانية مراقبة الأموال التي تتم من حيث الاستقبال أو التحويل داخل القطاع المصرفي بصورة لحظية، ما يمكن من مراقبة الأموال غير المشروعة والناتجة عن غسل الأموال أو غيرها.

تظهر الإحصاءات المتاحة أن حجم الخدمات المالية والمصرفية الرقمية على مستوى العالم ينمو بصورة كبيرة، إذ تجاوز 8 تريليون دولار أمريكي في عام 2021، ويقدر أن يتجاوز هذا الحجم 10 تريليون دولار أمريكي بحلول 2027. فيما قُدر حجم سوق البنوك الرقمية بأكثر من 12.1 مليار دولار أمريكي في عام 2020 ليرتفع إلى حوالي 30.1 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026.

إلا أنه ومن جانب آخر، يثير التحول الرقمي خاصةً نماذج البنوك الرقمية المدعومة بالتقنيات الحديثة، معالجة قضايا الإطار التنظيمي وكيفية تنظيم هذه الخدمات، حيث تقوم حالياً البنوك المركزية والسلطات التنظيمية والإشرافية الأخرى بتقييم ما إذا كان إطار البنوك الرقمية التنظيمي الحالي بحاجة إلى تعديل، خاصة في الحالات التي تواجه فيها السلطات عادةً التحدي المُعتاد للتوازن بين تعزيز ابتكارات التقنيات المالية وتخفيف المخاطر المُحتملة على النظام المالي ونزاهته واستقراره.

يبرز في هذا السياق، أهمية تقييم مخاطر البنوك الرقمية، فيما إذا كانت أنشطة هذه البنوك الرقمية تفيد المجتمع وتدعم الشمول المالي، وما المخاطر المحتملة على المستهلكين والمستثمرين، وحماية حقوق المُستخدمين، ونزاهة السوق، بالمقارنة مع الخدمات الرقمية للبنوك التقليدية، فضلاً عن الفرص المحتملة لحدوث ممارسات غير مشروعة.

في الوقت نفسه، تواجه خدمات البنوك الرقمية العديد من التحديات من أهمها التوسع في نطاق عملها ومدى نضوج التقنيات المُستخدمة، إضافة إلى الأطر التشريعية والتنظيمية الحاكمة. وبالتالي أصبح لزاماً الشراكة والتعاون بين مُقدمي الخدمات البنكية الرقمية من شركات التقنيات المالية الحديثة ومُشاركي البيانات والمؤسسات المالية التقليدية للوصول لأفضل نموذج يحقق مصالح العملاء والمؤسسات على حدٍ سواء. ومن المناسب أن تعمل السلطات الإشرافية على موائمة ومعالجة هذه التحديات مع وضع الأطر التشريعية والتنظيمية الملائمة لتقديم خدمات البنوك الرقمية.

لذلك، تبرز أهمية وضع الإطار التشريعي والتنظيمي الملائم لدعم أنشطة البنوك الرقمية بما يحفظ مصالح العملاء والاستقرار المالي لمُقدمي تلك الخدمات ونزاهة النظام المالي ككل. حيث تختلف الأطر التشريعية والتنظيمية التي تحكم تقديم الخدمات المصرفية الرقمية، ما بين تعليمات مُخصصة لترخيص تلك الخدمات على مستوى الصناعة المالية إضافة إلى الأطر الحالية الحاكمة لعمل المصارف التقليدية، أو أطر تنظيمية مؤقتة خلال المراحل الأولى من تلك الكيانات لترخيص تقديم خدمات مُحددة، أو إخضاع مُقدمي الخدمات المصرفية الرقمية للأطر القانونية الحالية التي تحكم عمل المصارف التقليدية.

حضرات السيدات والسادة،  

تناقش الورشة هذا الموضوع الهام من عدة أوجه مختلفة، لاسيما من حيث استعراض المستجدات في الخدمات المصرفية الرقمية، والاطلاع على التجارب الناجحة على مستوى العالم للاستفادة منها، إضافة إلى مناقشة المنهجيات المختلفة لتنظيم الصناعة والحفاظ على سلامة ونزاهة النظام المالي.  كما تستعرض الورشة مُختلف نماذج الخدمات المصرفية الرقمية، وفرص زيادة معدلات الشمول المالي، ومُختلف المناهج التنظيمية لعمل البنوك الرقمية.

كذلك تتناول الورشة، المخاطر التي تحيط بعمل البنوك الرقمية، وبالأخص المخاطر التقنية، وأطر حوكمة البيانات المُصاحبة لها، ومتطلبات الترخيص المالية وغير المالية، بما يشمل تعزيز نماذج عمل البنوك الرقمية التي تقدم خدمات مالية متوافقة مع الشريعة.

من جانب آخر تستعرض الورشة إطار عام لدورة حياة البنوك الرقمية وأهم الاستراتيجيات والإجراءات لتبني تفعيل الخدمات المصرفية الرقمية بالشكل الذي يحافظ على مصالح العملاء والإستدامة المالية لمُقدمي تلك الخدمات. إضافة إلى إطار لتنفيذ تلك الإستراتيجيات على مستوى المنطقة العربية. لعل الورشة من خلال استعراض عدد من التجارب والحالات العملية على مستوى العالم والمنطقة العربية، تقدم دروس يستفاد منها في هذا الشأن.  

السيدات والسادة الحضور

لا يخفى عليكم من جانب آخر نشاط الصندوق في مجال التقنيات المالية الحديثة، حيث يعمل الصندوق على دعم جهود دوله الأعضاء على صعيد التحول المالي الرقمي، من خلال أنشطة مجموعة العمل الإقليمية للتقنيات المالية الحديثة. وهي أنشطة تخدم بصورة كبيرة تعزيز القدرات لمواجهة متطلبات التحول المالي الرقمي.

نتطلع للفرص التي تقدمها الورشة لتطوير الاستراتيجيات والخطط اللازمة لتعزيز الخدمات الرقمية وزيادة معدلات الشمول المالي، وتعزيز فرص التعاون بين المؤسسات المالية التقليدية ومٌقدمي الخدمات المالية الرقمية، إضافة إلى التأسيس على الدروس المُستفادة عند وضع خطط واستراتيجيات تبني وتفعيل هذه الخدمات. ولاشك أن الصندوق على استعداد للقيام بدوره في إيجاد منصات للحوار والتعاون والتنسيق بين السلطات الإشرافية في دولنا العربية بما يخدم الارتقاء بجهود السلطات ويعزز فرص تبادل التجارب والخبرات.

قبل الختام، أجدد تقديري على مشاركتكم وأرجو لكم مناقشات مُثمرة وأن تحقق الورشة أهدافها. كما أتطلع للترحيب بكم حضورياً في أبوظبي في مناسبات قادمة.

أخيراً، أنتهز هذه المناسبة، لأجدد الشكر والعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر صندوق النقد العربي، على ما تقدمه من تسهيلات كبيرة تساهم في نجاح الصندوق في تحقيق الأهداف المنوطة به.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته