معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في افتتاح ورشة العمل رفيعة المستوى

حول تحديات ومتطلبات تعزيز الأمن الغذائي في الدول العربية:

التداعيات على الاستقرار الاقتصادي والمالي ودور السياسات الاقتصادية الكلية

جائحة كورونا، واختلال سلاسل توريد الغذاء، والتغيرات المناخية، والتطورات الدولية الراهنة، تسببت في رفع أسعار الغذاء عالمياً

135 مليون شخص سيعانون من نقص حاد في الغذاء خلال السنوات القادمة

الدول العربية تستورد حوالي نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسة

أهمية توفير التمويل للقطاع الزراعي في الدول العربية

الاستفادة من التقنيات الحديثة في تحقيق الأمن الغذائي

 

ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمة في افتتاح ورشة العمل رفيعة المستوى حول تحديات ومتطلبات تعزيز الأمن الغذائي في الدول العربية، التي نظمها صندوق النقد العربي "عن بُعد" بمشاركة كبار المسؤولين في وزارات الزراعة، والمالية، والاقتصاد والتجارة، والمصارف المركزية العربية، إضافة إلى المنظمات الإقليمية والدولية، مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، وبرنامج الغذاء العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، ومؤسسة التمويل الدولية، والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، ومعهد التمويل الدولي.  

 

أشار معاليه في بداية الكلمة أن ما شهدته أسعار الغذاء مؤخراً من ارتفاعات ملموسة، نتجت بشكل أساسي عن تداعيات جائحة كورونا، واختلال سلاسل توريد الغذاء، والتغيرات المناخية، إلى جانب التطورات الدولية الراهنة، الأمر الذي تسبب في تكبد تكاليف مالية باهظة للعديد من الدول المستوردة للسلع الغذائية الرئيسة، وتراجع قدرة شرائح عديدة من المستهلكين من الحصول على الغذاء الكافي بكلفة معقولة.

 

كما بيّن معالي الدكتور الحميدي أن نحو 135 مليون شخص من المتوقع أن يعانوا من نقص حاد في الغذاء خلال السنوات القادمة بسبب ذلك، مشيراً أن تحسين مستويات الأمن الغذائي، يتطلب تضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية لوضع السياسات الاقتصادية والإجراءات اللازمة لذلك، إلى جانب الاستفادة من التقنيات الحديثة.

 

في السياق نفسه، أكد معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، أن بعض الدول العربية تواجه تحديات على صعيد تحقيق الأمن الغذائي، تتعلق بتهيئة البنية التحتية المواتية لتنمية القطاع الزراعي وتحسين انتاجيته، مشيراً إلى أن غالبية الدول العربية أصبحت تستورد حوالي نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسة. ولمعالجة تلك التحديات، أشار معاليه إلى الجهود المستمرة التي تبذلها الدول العربية لتعزيز الأمن الغذائي، مثل إعلان نواكشوط للأمن الغذائي العربي المستدام – أبريل 2022، ومبادرة الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي لتغطية العجز في السلع الغذائية بالوطن العربي، إضافة إلى مبادرة مؤسسات وصناديق مجموعة التنسيق العربية.

 

في سياق متصل، أكد معاليه على أهمية الموضوعات التي تتناولها الورشة، التي من أبرزها مفهوم الأمن الغذائي وأثر التغيرات المناخية وسلاسل التوريد الغذائي، والسياسات الاقتصادية لمواجهة تبعات مخاطر الأمن الغذائي على الاستقرار الاقتصادي والمالي، والسياسات الداعمة لتحقيق الأمن الغذائي في المنطقة العربية، ونفاذ المجتمعات الزراعية للتمويل لتحقيق الاكتفاء الذاتي، إضافةً إلى دور التقنيات الحديثة في تحقيق الأمن الغذائي.

 

كما أشار معالي الدكتور الحميدي إلى تحديات التمويل الزراعي وفرص تعزيز وصول المجتمعات الزراعية للتمويل والخدمات المالية ودور المؤسسات المالية والمصرفية، وأهمية التقنيات الحديثة في تحقيق الأمن الغذائي.

 

في الختام، أكد معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي على أهمية مواصلة الحوار حول سبل الارتقاء بالسياسات الاقتصادية التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي بما يحقق الاستدامة والاستقرار، مشيراً إلى أن صندوق النقد العربي على أتم الاستعداد للمساعدة في هذا الصدد.

وفيما يلي النص الكامل للكلمة:

أصحاب المعالي والسعادة

حضرات السيدات والسادة الحضور،

أسعد الله أوقاتكم بكل خير،

يسرني أن أرحب بكم في افتتاح ورشة العمل رفيعة المستوى التي تنعقد "عن بعد" حول "تحديات ومتطلبات تعزيز الأمن الغذائي في الدول العربية: التداعيات على الاستقرار الاقتصادي والمالي ودور السياسات الاقتصادية الكلية" على مستوى كبار المسؤولين في وزارات الزراعة، والمالية، والاقتصاد والتجارة، والمصارف المركزية العربية، بالإضافة إلى المنظمات الإقليمية والدولية.

وإذ أشكر جميع الزميلات والزملاء من هذه المؤسسات على مشاركتهم في الورشة، فإننا نتطلع إلى مداولاتها بما يعزز من إدراك السياسات المناسبة للتعامل مع قضايا الأمن الغذائي وتداعياته الاقتصادية، فضلاً عن مناقشة فرص تعزيز التعاون الإقليمي بما يخدم نقل المعرفة وتبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية.

كما أنتهز هذه المناسبة لأعرب عن التقدير والامتنان لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، وبرنامج الغذاء العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، والهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، ومؤسسة التمويل الدولية، والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، ومعهد التمويل الدولي، على مشاركتهم والتحدث في الورشة. كما نقدر أيضاً مشاركة عدد من المسؤولين في السلطات الوطنية من وزارات المالية والزراعة والمصارف المركزية في الدول العربية في تقديم مداخلات خلال الورشة حول تجاربهم والسياسات المناسبة في هذا الصدد.

حضرات السيدات والسادة الحضور،

شهد العالم تطورات متسارعة خلال الفترة الماضية تمثلت بتداعيات جائحة كورونا وما تركته من أثر على مستويات النشاط الاقتصادي والإنتاج الزراعي، والتغيرات المناخية، وكذلك التطورات الدولية الراهنة وأثرها على ارتفاع أسعار الغذاء، ما دفع العديد من الدول المستوردة للسلع الغذائية الرئيسة لتكبد تكاليف مالية باهظة أثرت بصورة مباشرة على العجوزات المالية لديها.

يعتبر تحقيق الأمن الغذائي لأفراد المجتمع في العديد من الدول النامية بمثابة الشغل الشاغل لحكومات دولها. فوفقاً لإحصاءات البنك الدولي، من المتوقع أن يرتفع عدد الذين يعانون من انعدام الغذاء إلى أكثر من 135 مليون شخص خلال السنوات القادمة.

يتطلب ضمان تحقيق الأمن الغذائي، تضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية لوضع السياسات الاقتصادية اللازمة والاستفادة من التطورات التقنية المتسارعة. وتشير التوقعات إلى إمكانية تحسن الأمن الغذائي في الأجل القصير والمتوسط في حال صاحب ذلك مجموعة من السياسات الاقتصادية الكلية، وأيضاً صياغة الخطط الاستراتيجية والرؤى المستقبلية للقطاع الزراعي بما يساعد على تعزيز عملية التحول الهيكلي.

حضرات السيدات والسادة الحضور،

تواجه بعض دولنا العربية، تحديات عديدة تساهم في إبطاء عملية تحقيق هدف الأمن الغذائي. فعلى الرغم من توفر الموارد الطبيعية والبشرية في هذه الدول، فإن القطاع الزراعي في الوطن العربي لم يحقق الإنتاجية المستهدفة في الإنتاج لمقابلة الطلب المحلي على الغذاء.   وتشير الإحصاءات الواردة في التقرير الاقتصادي العربي الموحد إلى اتساع الفجوة الغذائية، حيث أصبحت غالبية الدول العربية تستورد حوالي نصف احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسة. كذلك تشير إحصاءات الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، إلى أن متوسط القيمة الإجمالية للعجز في السلع الغذائية الأساسية في الدول العربية بلغ حوالي 42 مليار دولار أمريكي.  

وعلى الرغم من هذه التحديات، فان الجهود الإقليمية ما زالت مستمرة لتعزيز الأمن الغذائي في المنطقة العربية (مثال: إعلان نواكشوط للأمن الغذائي العربي المستدام – أبريل 2022)، الذي حدد عدد من الإجراءات والتدابير التي من شانها تعزيز الأمن الغذائي في المنطقة، ومبادرة الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي لتغطية العجز في السلع الغذائية بالوطن العربي، إضافة إلى مبادرة مؤسسات وصناديق مجموعة التنسيق العربية.

كذلك حرص صندوق النقد العربي في إطار برامجه وأنشطته المختلفة على تناول مواضيع الأمن الغذائي، وتعزيز الحوار لتبادل الخبرات والتجارب ونقل المعرفة، ويأتي تنظيم هذه الورشة في إطار هذا الحرص

حضرات السيدات والسادة الحضور،

تتناول الورشة موضوع الأمن الغذائي من عدة محاور، حيث تناقش تداعيات تغيرات المناخ على السياسات والإنتاج الزراعي، وآليات عمل نظام الغذاء العالمي: محددات الأسعار، واتجاهات سلاسل الإنتاج الغذائي العالمي. كما تتطرق الورشة لتداعيات مخاطر انعدام الأمن الغذائي على الاستقرار الاقتصادي والمالي ودور السياستين المالية والنقدية، بما يشمل السياسات التنظيمية لتطوير آليات عمل أسواق السلع الغذائية للحد من الضغوط التضخمية.

 كما تتناول متطلبات وسياسات الأمن الغذائي في الدول العربية: الواقع والتحديات والفرص، وذلك من حيث واقع الأمن الغذائي في الدول العربية والتعريف بالجهود الحالية، ومحددات ومتطلبات بناء إستراتيجيات وطنية للأمن الغذائي، إضافة إلى استعراض الدروس المستفادة من أفضل الممارسات العربية والدولية لتحقيق الأمن الغذائي.

 كما لا يخفى عليكم أهمية الوصول للتمويل، حيث تناقش الورشة تحديات التمويل الزراعي: فرص تعزيز وصول المجتمعات الزراعية للتمويل والخدمات المالية ودور المؤسسات المالية والمصرفية. أخيراً، تتطرق الورشة إلى دور التقنيات الحديثة في تحقيق الأمن الغذائي، من حيث الاتجاهات الحالية في التقنيات الحديثة والفرص الكامنة لتطوير الإنتاج الزراعي في الدول العربية، إضافة إلى عرض تجارب عربية ودولية في استخدام التقنيات الحديثة لتحقيق الأمن الغذائي.

 حضرات السيدات والسادة الحضور،

قبل الختام، أتطلع أن تساهم مناقشاتكم اليوم في إطلاق تنسيق إقليمي لمواصلة الحوار حول سبل الارتقاء بسياسات اقتصادية تساهم في تحقيق الأمن الغذائي بما يحقق الاستدامة والاستقرار. ولا شك أن صندوق النقد العربي على أتم الاستعداد للمساعدة في هذا الصدد.

أخيراً، لا يفوتني في هذه المناسبة، إلا أن أجدد الشكر والعرفان لدولة مقر صندوق النقد العربي، دولة الإمارات العربية المتحدة، على ما تقدمه من تسهيلات كبيرة تساهم في نجاح الصندوق في سعيه لتحقيق أهدافه.

أشكر لكم حضوركم، متطلعين للترحيب بكم في أبو ظبي في مناسبات قريبة.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.