معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في افتتاح الاجتماع الخامس عالي المستوى "عن بعد" لهيئات الإشراف على التأمين في الدول العربية حول "التأمين الأخضر والمستدام في ظل مخاطر تغيّرات المناخ وتداع

القيمة الإجمالية لسوق التأمين في الدول العربية بلغت 40.9 مليار دولار في نهاية عام 2021 

حجم أقساط سوق التأمين العالمية 4 تريليون دولار، وبأصول تحت الإدارة تتجاوز قيمتها 24 تريليون دولار في عام 2021

الحاجة لبذل المزيد من الجهود لتعزيز دور قطاع التأمين في مواجهة تداعيات تغيرات المناخ والانتقال نحو التأمين الأخضر

أهمية تطوير السياسات المشجعة لتطبيق المعايير البيئية والإجتماعية في سياسات وإجراءات شركات التأمين

الدعوة لتطوير أدوات وحلول مبتكرة لخدمات التأمين تستفيد من التقنيات المالية الحديثة

ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في افتتاح الاجتماع الخامس عالي المستوى "عن بعد" لهيئات الإشراف على التأمين في الدول العربية حول "التأمين الأخضر والمستدام في ظل مخاطر تغيّرات المناخ وتداعيات ما بعد جائحة كوفيد 19"، الذي نظمه الصندوق يوم أمس الأربعاء 13 يوليو 2022، استمراراً لسلسلة المشاورات التي يجريها صندوق النقد العربي مع صانعي السياسات في قطاع التأمين في المنطقة العربية، إدراكاً لأهمية قطاع التأمين ودوره الحيوي في التنمية المستدامة في إطار رؤية واستراتيجية الصندوق لتطوير القطاع المالي غير المصرفي. شارك في الاجتماع إضافة الى هيئات الاشراف على التأمين والمصارف المركزية العربية، خبراء من الإتحاد الدولي لهيئات الإشراف على التأمين، والمعهد السويسري لإعادة التأمين، ومؤسسة التمويل الدولية، والمبادرة العالمية للوصول للتأمين.

أكّد معاليه في كلمته على أن التغيرات المناخية لا تقدم مخاطر كبيرةً فقط، بل توفر أيضاً فرصاً كبيرةً في المقابل. حيث يمكن أن تنشأ الفرص من دعم الانتقال إلى عالم مستدام ومنخفض الكربون، مثل الاستثمار في أصول المناخ، أو ابتكار منتجات لإدارة مخاطر تغيّرات المناخ. وبالتالي فإن قطاع التأمين لديه فرصاً كبيرةً اليوم لتطوير حلول ومنتجات مبتكرة لتقليل الخسائر المرتبطة بتغيرات المناخ للمستهلكين والحكومات على حدٍّ سواء. هناك حاجة أن تسعى شركات التأمين للاستفادة بشكل كامل من الفرص التي يوفرها التوجه نحو الاستدامة في إطار أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. بالتالي، هناك ضرورة للعمل على تطوير البرامج والسياسات المناسبة وبناء القدرات في هذا الشأن.

بيّن معالي الدكتور الحميدي أن أقساط التأمين تمثل 6.30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع التفاوت الكبير بين الدول النامية والاقتصادات المتقدمة، مع الأخذ في الاعتبار التأثير المضاعف لمدفوعات المطالبات في اقتصاد متعدد القطاعات، حيث يمكن أن يمتد التأثير غير المباشر للتأمين إلى حوالي 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويتجاوز حجم أقساط سوق التأمين العالمية 4 تريليون دولار، وبأصول تحت الإدارة تتجاوز قيمتها 24 تريليون دولار في عام 2021. لذلك من المهم الاستفادة من هذه القوة المالية لمواجهة تغيرات المناخ وتعزيز الانتقال نحو التمويل المستدام.

من جانب آخر، أكد معالي مدير عام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أن توجّه قطاع التأمين نحو هذا النهج الاستراتيجي المستدام، يهدف إلى الحدّ من المخاطر، وتطوير حلول مبتكرة، وتحسين أداء الأعمال، والمساهمة في الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، حيث تصبح جميع أنشطة قطاع التأمين مستدامة. كما يتعين العمل بطريقة تطلعية ومسؤولة من خلال تحديد، وتقييم، وإدارة، ومراقبة المخاطر والفرص المتاحة المرتبطة بالجوانب البيئية والاجتماعية ومسائل الحوكمة.

كذلك، أشار معالي الدكتور الحميدي إلى أن الدول العربية حريصة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتجاوبت مع جهود المجتمع الدولي بدءً باتفاقية باريس (المناخ) لعام 2015، حيث أنشأت الدول العربية هيئات وأطراً ومبادرات متعددة للتكيف مع تغيرات المناخ في قطاعات متعددة، بما في ذلك قطاعات الطاقة والنقل والزراعة. كما أن الدول العربية، بشكل فردي وجماعي، منخرطة في الجهود الدولية والتدابير اللازمة لمكافحة و/ أو التكيف مع تغيرات المناخ.   

في ذات السياق، أكد معالي الحميدي على أنه في مجال التأمين، تتوفر لدى المنطقة العربية إمكانات كبيرة لزيادة مساهمة التأمين، وبالتحديد في مجال التأمين المستدام بما يساهم في تعزيز الاستقرار المالي وتعبئة المدخرات وتنميتها لتمويل التنمية المستدامة، إضافة إلى ما يمكن تحقيقه في توفير الحماية للأفراد والممتلكات، سيما في ظل التحول الرقمي، وأن قطاع التأمين شهد في الدول العربية نمواً خلال السنوات الأخيرة تزامناً مع التطورات التي تشهدها اقتصادات المنطقة العربية التي تعزز الحاجة لخدمات التأمين، حيث فاق القيمة الإجمالية لسوق التأمين في الدول العربية 40.9 مليار دولار عام 2021، محققة بذلك معدل نمو موجب بقيمة 1.8 في المائة في نهاية عام 2021 مقارنة بعام 2020.

أخيراً، أكد معاليه على الفرص التي تتيحها التقنيات الحديثة ليس فقط في تسهيل الوصول للخدمات التأمينية، بل أيضاً في تطوير النظم الداخلية وخدمات ومنتجات جديدة، مؤكداً أهمية هذه اللقاءات كفرصة لتعزيز تبادل الخبرات والتجارب بين هيئات الإشراف على التأمين بما يخدم تطور قطاع التأمين في دولنا العربية.

في الختام، أكد معاليه على حرص صندوق النقد العربي على مواصلة جهوده في سبيل دعم دور السلطات الرقابية في تعزيز التأمين الأخضر والمستدام، وتطبيق مبادئ التأمين الأخضر والمستدام في المنطقة العربية، من خلال التعاون البنّاء والشراكة المستدامة مع المؤسسات الإقليمية والدولية للعمل معاً. كما ثمّن معالي الدكتور الحميدي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر الصندوق على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به.

في ما يلي كلمة معالي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي:

 

أصحاب السعادة،

 حضرات السيدات والسادة،

 

أسعد الله أوقاتكم بكل خير وسرور،

 

يسعدني في البداية أن أرحب بكم جميعاً، وأخص بالذكر هيئات الإشراف على التأمين والمصارف المركزية وشركات التأمين في الدول العربية. كما أرحّب بممثلي المؤسسات المالية والهيئات الدولية ذات العلاقة الذين يحضرون هذا الاجتماع عالي المستوى حول "التأمين الأخضر والمستدام في ظل مخاطر تغيّرات المناخ وتداعيات ما بعد جائحة كوفيد 19".

 

 يأتي هذا الاجتماع استمراراً لسلسلة المشاورات التي يجريها صندوق النقد العربي مع صانعي السياسات في قطاع التأمين في المنطقة العربية، إدراكاً منه لأهمية قطاع التأمين ودوره الحيوي في التنمية المستدامة في إطار رؤية واستراتيجية الصندوق لتطوير القطاع المالي غير المصرفي.

 

كما لا يفوتني أن أشكر الإتحاد الدولي لهيئات الإشراف على التأمين، والمعهد السويسري لإعادة التأمين، والمعهد البريطاني للتأمين، ومؤسسة التمويل الدولية، والمبادرة العالمية للوصول للتأمين، على مشاركتهم معنا في هذه الاجتماعات.

 

السيدات والسادة الحضور،

يشهد العالم تغيّرات مناخية في السنوات الأخيرة، تمثلت في زيادة الاحتباس الحراري، تم التنبيه لها منذ مدة طويلة، حيث عُقدت العديد من المؤتمرات والمبادرات لمواجهة هذه المخاطر. ولا شك إن المخاطر الناجمة عن التغيّرات المناخية بشقيها المادي وغير المادي (مخاطر التحوّل) لها تأثير مباشر و/أو غير مباشر على المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية، وعلى القطاع المالي بصفة عامة. فإلى جانب تحمل تكاليف وخسائر مالية ناتجة عن المخاطر المادية، قد يتحمل القطاع المالي مخاطر التحوّل التي تكون في العادة ناجمة عن سياسات وممارسات مثل الإجراءات الهادفة إلى تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، والتغيّر في السياسات الحكومية، والتطورات التقنية، وسلوك المستثمرين والمستهلكين. وبالطبع قد تولّد هذه الممارسات تكاليف وخسائر كبيرة لشركات التأمين، وللنظام المالي ككل.

يمكن للتغيرات المناخية أن تخلق ليس مخاطر كبيرةً فقط، بل وفرصاً كبيرةً أيضاً. تتمثل المخاطر الرئيسة في الأصول المتعثرة وفقدان الموجودات، في حين يمكن أن تنشأ الفرص من دعم الانتقال إلى عالم مستدام ومنخفض الكربون، مثل الاستثمار في أصول المناخ، أو ابتكار منتجات لإدارة مخاطر تغيّرات المناخ. بالتالي، فإن لقطاع التأمين فرصاً لتطوير حلول ومنتجات مبتكرة لتقليل الخسائر المرتبطة بتغيرات المناخ للمستهلكين والحكومات على حدٍّ سواء.

ولا يخفى عليكم أن هناك حاجة أن تسعى شركات التأمين للاستفادة بشكل كامل من الفرص التي يوفرها التوجه نحو الاستدامة في إطار أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. بالتالي، هناك ضرورة للعمل على تطوير البرامج والسياسات المناسبة وبناء القدرات في هذا الشأن.

تعد صناعة التأمين مكوناً هامّاً من مكونات القطاع المالي، ويساعد تطويرها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتوجه نحو الاستدامة بأبعادها الثلاثة، البيئية والمجتمعية والحوكمة. تمثل أقساط التأمين 6.30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع التفاوت الكبير بين الدول النامية والاقتصادات المتقدمة، مع الأخذ في الاعتبار التأثير المضاعف لمدفوعات المطالبات في اقتصاد متعدد القطاعات، حيث يمكن أن يمتد التأثير غير المباشر للتأمين إلى حوالي 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويتجاوز حجم أقساط سوق التأمين العالمية 4 تريليون دولار، وبأصول مالية تحت الإدارة تفوق قيمتها 24 تريليون دولار في عام 2021. لذلك من المهم الاستفادة من هذه القوة المالية للتصدي لتغيرات المناخ. لقد وضعت الأمم المتحدة مجموعة من المبادئ للتأمين المستدام لتضمين قضايا الاستدامة في عملية صنع القرار لشركات التأمين، وتعزيز التعاون بين الجهات الفاعلة في الصناعة، وتوفير شفافية الإجراءات والنتائج.

السيدات والسادة الحضور،

لا يخفى عليكم، أن العديد من شركات التأمين تركّز باستمرار على نموها، وزيادة حصتها السوقية، وفعالية إدارتها للمخاطر. لكن في الوقت الراهن، يقع على عاتق شركات التأمين البحث بصفة مستدامة عن طرق مبتكرة لاكتساب ميزة تنافسية في سوق يشهد منافسة قوية في ظل ظهور أنواع جديدة من المخاطر المتزايدة لاسيما في مجال التغيرات المناخية والتقنيات المالية الحديثة، حيث يمكن أن يكون لتطوير وتقديم منتجات جديدة تتعلق بمخاطر تغيرات المناخ وما يقابلها من أدوات خضراء ومستدامة فرصةً جديدة تمنح لشركات التأمين ميزة تنافسية.

إن توجّه قطاع التأمين نحو هذا النهج الاستراتيجي المستدام، يهدف إلى الحدّ من المخاطر، وتطوير حلول مبتكرة، وتحسين أداء الأعمال، والمساهمة في الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، حيث تصبح جميع أنشطة قطاع التأمين مستدامة، بما في ذلك سلسلة قيمة التأمين، والتفاعل مع أصحاب المصالح. كما يمكن العمل بطرق استقرائية مسؤولة من خلال تحديد وتقييم وإدارة ومراقبة المخاطر والفرص المتاحة المرتبطة بالجوانب البيئية والاجتماعية ومسائل الحوكمة.

تعتبر مبادئ التمويل المستدام الأربعة الصادرة عن مبادرة التمويل لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، دليلاً هامّاً على ضرورة تضمين الاستدامة في قطاع التأمين. يرتكز المبدأ الأول على تضمين الاستدامة عند صنع القرارات المتعلقة بالقضايا البيئية والاجتماعية. أما المبدأ الثاني، فيتعلق بمسائل الحوكمة ذات الصلة بأعمال التأمين. ويخص المبدأ الثالث العمل جنباً إلى جنب مع العملاء وشركاء الأعمال لرفع الوعي بالقضايا البيئية والاجتماعية ومسائل الحوكمة وإدارة المخاطر وإيجاد الحلول. كما يقوم المبدأ الرابع على العمل مع الحكومات والجهات المنظمة وغيرهم من أصحاب العلاقة لتعزيز العمل على نطاق واسع في المجتمعات حول القضايا البيئية والاجتماعية ومسائل الحوكمة، إضافة إلى قضايا المساءلة والشفافية في الإفصاح العلني المنتظم لسير تقدم تنفيذ مبادئ التأمين المستدام.

السيدات والسادة الحضور،

تُعد مبادئ التأمين المستدام بمثابة خارطة طريق عالمية لتطوير وتوسيع نطاق إدارة المخاطر وإيجاد حلول تأمين مبتكرة لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، والمياه النظيفة، والأمن الغذائي، والمدن المستدامة، والمجتمعات المرنة إزّاء مواجهة الكوارث. ولا شك أن ذلك سيساهم في دعم فرص التنمية المستدامة.  

تماشياً مع ذلك واعتباراً من أغسطس 2021، قامت أكثر من 100 شركة تأمين في جميع أنحاء العالم بالالتزام بهذه المبادئ، بما في ذلك أكبر ثلاث شركات تأمين على المستوى العالمي. إلا أنه لا يزال معدل المشاركة قليل نسبياً خاصةً بالنسبة للشركات الأصغر حجماً، مما يشير إلى أهمية التوعية والحاجة لتطوير السياسات والأدوات المناسبة لشركات التأمين لتفعيل دورها في هذا الشأن.

السيدات والسادة الحضور،

إن دولنا العربية كغيرها من بقية دول العالم عرضة لمخاطر التغيّرات في المناخ، فقد شهدت المنطقة بالفعل تداعيات في شكل أحداث مناخية وما لذلك من آثار على الزراعة والأمن الغذائي وجميع القطاعات الاقتصادية ذات الأثر المباشر أو غير المباشر على القطاع المالي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يتعين إدارة مخاطر التحوّل المناخية الناجمة عن السياسات والتشريعات الخاصة بانبعاثات الكربون. على الرغم من الجهود المبذولة من قبل الدول العربية في هذا المجال، هناك حاجة لتكثيف الجهود للتخفيف والتكيف مع التغيرات في المناخ والتعامل مع الآثار الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

الدول العربية حريصة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتجاوبت مع جهود المجتمع الدولي بدءً باتفاقية باريس (المناخ) لعام 2015. حيث أنشأت الدول العربية هيئات وأطراً ومبادرات متعددة للتكيف مع تغيرات المناخ في قطاعات متعددة، بما في ذلك قطاعات الطاقة والنقل والزراعة. كما أن الدول العربية، بشكل فردي وجماعي، منخرطة في الجهود الدولية والتدابير اللازمة لمكافحة و/ أو التكيف مع تغيرات المناخ.   

لدى المنطقة العربية إمكانات كبيرة لزيادة مساهمة التأمين، وبالتحديد في مجال التأمين المستدام بما يساهم في تعزيز الاستقرار المالي وتعبئة المدخرات وتنميتها لتمويل التنمية المستدامة، إضافة إلى ما يمكن تحقيقه في توفير الحماية للأفراد والممتلكات، سيما في ظل التحول الرقمي.

لقد شهد قطاع التأمين في الدول العربية نمواً خلال السنوات الأخيرة تزامناً مع التطورات التي تشهدها اقتصادات المنطقة العربية التي تعزز الحاجة لخدمات التأمين، حيث فاق القيمة الإجمالية لسوق التأمين في الدول العربية 40.9 مليار دولار أمريكي عام 2021، محققة بذلك معدل نمو موجب بقيمة 1.8 في المائة في نهاية عام 2021 مقارنة بعام 2020.

على الرغم من النمو الموجب المسجّل في سوق التأمين في الدول العربية عام 2021، إلا أنه لا يزال يحتاج المزيد من الاهتمام للاستفادة من الفرص المتاحة وإدارة المخاطر التي يواجهها لاسيما التغيرات المناخية وتحديات ما بعد جائحة كورونا، بما يؤدي في زيادة مساهمته في الناتج المحلى الإجمالي وحصته أيضاً في سوق التأمين العالمي (تقارب واحد في المائة حالياً).  

 

السيدات والسادة الحضور،

لقد كان لجائحة كورونا تداعيات أثرت بصورة كبيرة على الأفراد، والمجتمع، والشركات والاقتصاد بصفة عامة. كذلك تأثرت صناعة التأمين هي الأخرى، لكنها استجابت بسرعة للأزمة من خلال تطوير وتسريع الإجراءات وتقديم خدمات وحلول جديدة. ولا يخفى أنه مع سحب حزم الدعم في المرحلة القادمة، قد تواجه شركات التأمين عدداً من التحدّيات، يقابلها العديد من الفرص خاصةً فيما يتعلق بالتقنيات الحديثة والانتقال للاقتصاد الأخضر.

على مستوى سوق التأمين العالمي، فقد أثّرت جائحة كورونا على القطاعات الفرعية لسوق التأمين بطرق مختلفة، حيث شهد التأمين على الحياة والتأمين الصحي ارتفاعاً، في حين شهد التأمين على السفر والأصول تراجعاً نتيجة القيود المفروضة على السفر خاصة خلال الجائحة.  

إلا أنه في المقابل قدمت الجائحة فرص كبيرة لتعزيز استخدام التقنيات الحديثة، ليس فقط في تسهيل الوصول للخدمات التأمينية، بل أيضاً في تطوير النظم الداخلية وتقديم خدمات ومنتجات جديدة. ولا شك أن هناك المزيد من الفرص التي تقدمها التقنيات الحديثة يتعين الاستفادة منها.

 

السيدات والسادة الحضور،

في هذا الإطار يناقش الاجتماع، الآفاق والتحديات الحالية والمستقبلية لسوق التأمين في منطقتنا العربية في ظل مخاطر تغيّرات المناخ وتداعيات جائحة كورونا.

يبرز في هذا السياق، تناول مواضيع التأمين الأخضر والمستدام من خلال الإشراف والتنظيم والتشريع، حيث سيتطرق الاجتماع إلى دور السلطات الرقابية في تعزيز التأمين الأخضر والمستدام، وتطبيق مبادئ التأمين الأخضر والمستدام. كما يتطرق لسبل وضع آليات لتحديد وتقییم تطبيق المعايير البیئیة والاجتماعية على مستوى شركات التأمين، للتأكيد على أھمیة دمج قضايا البيئة والمجتمع والحوكمة في إستراتيجيات شركات التأمين، وفي برامج التوظيف والتدريب. كما ستتم مناقشة أهمية تعزيز الوعي بالقضايا البیئیة والاجتماعية وقضايا الحوكمة، وإدارة المخاطر، وتطوير الحلول في سوق التأمين. أما على مستوى الممارسات العملية للتأمين الأخضر والمستدام، تستعرض الورشة تجارب عربية وعالمية في تطبيق مبادئ التأمين الأخضر والمستدام، والتعرف على تحديات تطوير منتجات التأمين الأخضر والمستدام، ومناقشة فرص استخدام التقنيات المالیة الحديثة في قطاع التأمين لإدارة مخاطر التغيرات المناخية. يأتي ذلك متابعةً لما تم مناقشته في الاجتماع السابق الذي نظمه الصندوق لهيئات الإشراف على التأمين في الدول العربية حول موضوع التقنيات المالية الحديثة.  

قبل الختام أرجو نجاح الاجتماع في تحقيق الأهداف المنشودة منه، بما يعزز تبادل الخبرات والتجارب بين هيئات الإشراف على التأمين ويخدم تطور قطاع التأمين في دولنا العربية. كما أتطلع للترحيب بكم في أبوظبي في مناسبات قادمة.

كما لا يفوتني أن أتقدم بالشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،