معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في افتتاح الاجتماع رفيع المستوى "عن بعد" لأصحاب المعالي والسعادة نواب محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية

حول

تحديات تعزيز الاستقرار المالي في مرحلة التعافي من جائحة كورونا

تحسن المؤشرات الأولية لأداء القطاع المصرفي العربي خلال عام 2021 بفضل جهود المصارف المركزية العربية

 17.8 معدل كفاية رأس المال، 91.1 في المائة نسبة تغطية مخصصات القروض، 32.7 في المائة نسبة الأصول السائلة، بالمتوسط للدول العربية. ارتفاع معدل العائد على حقوق المساهمين إلى 11.76 في المائة في نهاية عام 2021

أهمية الاستمرار في تعزيز مرونة القطاعين المالي والمصرفي

تعزيز التنسيق بين السياسات المالية والنقدية والاحترازية الكلية في المرحلة المقبلة

تبني التمويل المسؤول والمستدام للحد من مخاطر تغيرات المناخ والكوارث الطبيعية

تحقيق التوازن بين الاستفادة من التقنيات المالية الحديثة والحد من مخاطرها

التقييم المستمر للمخاطر النظامية للقطاع المالي

ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمةً في افتتاح أعمال الاجتماع رفيع المستوى "عن بعد" لأصحاب المعالي والسعادة نواب محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية المنعقد يوم أمس الاثنين 13 يونيو 2022 لمناقشة تحديات تعزيز الاستقرار المالي في مرحلة التعافي من جائحة كورونا بمشاركة نواب المحافظين وكبار المسؤولين ومدراء الاستقرار المالي من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، كذلك خبراء من معهد الاستقرار المالي التابع لبنك التسويات الدولية، والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، ومجلس إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي "Single Resolution Board"، وبنك كندا المركزي.

أكد معاليه في الكلمة، أن دول العالم لا زالت تواجه مخاطر اقتصادية ومالية، تتطلب تكاتف جهود جميع المؤسسات الوطنية المعنية، خصوصاً في ظل ارتفاع مديونية الحكومات، وارتفاع مخاطر الائتمان لدى قطاعي الأفراد والشركات، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، إضافةً إلى ارتفاع معدلات التضخم، مما يشكل ذلك تحدياً كبيراً أمام صانعي السياسات في مواصلة دفع عجلة التنمية في دولهم.

أضاف معاليه إلى أن المخاطر المحيطة بالقطاع المالي تزايدت في السنوات القليلة الماضية، خصوصاً مخاطر الأمن السيبراني ومخاطر تغيرات المناخ والكوارث الطبيعية، وغيرها، الأمر الذي يُضيف أعباء إضافية على صعيد السياسات المالية والنقدية والاحترازية، وهنا تبرز أهمية التنسيق بين السياسات الاقتصادية والاحترازية للمحافظة على المراكز المالية للقطاع المالي.

نوه معاليه إلى أهمية دور السلطات الإشرافية بالتعاون مع القطاع الخاص في تعزيز الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، من خلال تقديم الحوافز للقطاعات قليلة انبعاثات غاز الكربون. كما أشار معاليه إلى ضرورة التقييم المستمر للمخاطر النظامية التي قد يتعرض لها القطاع المالي، بما يعزز من متانته وتعزيز قدرته على استيعاب الصدمات المالية والاقتصادية. 

أشاد معاليه بجهود المصارف المركزية العربية التي عززت مقومات الاستقرار المالي خلال الجائحة لدعم مرحلة التعافي، مشيراً إلى تحسن المؤشرات الأولية لأداء القطاع المصرفي العربي بالمتوسط خلال عام 2021 على صعيد رأس المال، والسيولة، وجودة الأصول، والربحية. فقد بلغ معدل كفاية رأس المال 17.8 في المائة، فيما بلغت نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير العاملة لدى القطاع المصرفي في الدول العربية نحو 91.1 في المائة مع نهاية عام 2021. كما وصل متوسط نسبة الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول 32.7 في المائة في نهاية عام 2021. كذلك ارتفع معدل العائد على   حقوق المساهمين ليصل في نهاية عام 2021 إلى 11.76 في المائة.

في الختام، أكد معاليه على أن صندوق النقد العربي سيواصل دعمه لجهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية الهادفة إلى تطوير القطاع المالي وتعزيز مرونته، بما يعزز من الاستقرار المالي. كما أكد معاليه على أهمية التنسيق الإقليمي ومواصلة الحوار حول السياسات المناسبة، بما يحقّق كل من الاستدامة والاستقرار على مستوى القطاع المالي.

أصحاب المعالي والسعادة نواب محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية   المحترمين،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

أسعد الله أوقاتكم بكل خير،

يسرني أن أرحب بكم بمناسبة عقد الاجتماع الرابع على مستوى نواب محافظي المصارف المركزية العربية، حول تحديات تعزيز الاستقرار المالي في مرحلة التعافي من جائحة كورونا، الذي ينظمه صندوق النقد العربي بصفته الأمانة الفنية للمجلس الموقر لمحافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.

أود بدايةً أن أعرب عن خالص الامتنان والشكر للسادة نواب المحافظين الذين حرصوا على حضور الورشة بالرغم من مشاغلهم العديدة، بما يعبر عن الأهمية التي توليها المصارف المركزية في الدول العربية للتشاور حول خطط التعافي الاقتصادي في مرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا، والشكر موصول كذلك للسادة الخبراء والمتحدثين في كل من معهد الاستقرار المالي التابع لبنك التسويات الدولية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي ومجلس إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي "Single Resolution Board" وبنك كندا المركزي، الذين حرصوا كعادتهم على المشاركة في الأنشطة والفعاليات رفيعة المستوى التي ينظمها الصندوق، وتقديم عدد من العروض التي تكتسب أهمية متزايدة على صعيد المواضيع ذات العلاقة بأعمال المصارف المركزية في إطار سعيها لتعزيز الاستقرار المالي في دولنا العربية.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

لا زالت دول العالم تبذل جهوداً مكثفة لدعم مرحلة التعافي الاقتصادي، ومعالجة المخاطر التي خلفتها أزمة فيروس كورونا المستجد، لاسيما ارتفاع المديونية، وارتفاع مخاطر الائتمان لدى قطاعي الأفراد والشركات، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، إضافةً إلى زيادة معدلات التضخم وما تبعه من قيام المصارف المركزية بالتخلي عن السياسة النقدية التيسيرية لضبط التضخم، الأمر الذي سينعكس على كلف الإقراض، وزيادة احتمالية ارتفاع معدلات التعثر المصرفي لقطاعي الأفراد والشركات، مما يشكل تحدياً كبيراً أمام صانعي السياسات في مواصلة دفع عجلة التنمية في دولهم.

خلال الجائحة، تأثرت سلباً التدفقات النقدية للقطاعين المصرفي والمالي، مما تتطلب اتخاذ إجراءات فورية من قبل المصارف المركزية، بما يحافظ على صحة ومتانة القطاع المالي واستمراريته وفق قواعد العمل المصرفي والمالي السليم، والحفاظ على استدامة الشركات، خاصة منها المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، إضافةً لحماية الأفراد من مخاطر تعثرهم وقدرتهم على السداد، حفاظاً على تصنيفهم الإئتماني. وبالفعل، نجحت هذه الجهود في الحفاظ على المراكز المالية للقطاع المصرفي رغم المخاطر المحيطة به، لكن في ظل تعقد نماذج أعمال البنوك في السنوات القليلة الماضية، لا بد من مواصلة الجهود الداعمة لمرحلة التعافي الاقتصادي من جهة، وزيادة مرونة القطاعين المالي والمصرفي من جهة أخرى، ويتطلب ذلك تنسيق مستمر بين السياسات الاقتصادية والاحترازية.

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

كما تعلمون، تزايدت في السنوات القليلة الماضية المخاطر المحيطة بالقطاع المالي، فعلى سبيل المثال، إرتفعت المخاطر السيبرانية نتيجة الاعتماد المتزايد على التقنيات المالية الحديثة، سواء كان ذلك من خلال ترخيص البنوك الرقمية، أو من خلال قيام البنوك التقليدية بتقديم منتجات وخدمات مصرفية تعتمد على القنوات المصرفية الإلكترونية. هنا لا بد من التأكيد على أهمية تعظيم الاستفادة من التقنيات المالية الحديثة أخذاً بعين الإعتبار المخاطر التي قد تنشأ عنها.

كذلك، تصدرت مخاطر تغيرات المناخ والكوارث الطبيعية المشهد العالمي، نظراً لما تحتويه من مخاطر جوهرية تؤثر على النظامين المالي والمصرفي، الأمر الذي يؤكد على أهمية تنسيق الجهود الوطنية والدولية في الاعتماد على التمويل المسؤول والمستدام، وتقديم الحوافز للقطاعات القائمة على المنتجات صديقة البيئة. تبرز هنا أهمية دور كل من وزارات المالية والمصارف المركزية، بالتعاون مع القطاع الخاص في تعزيز الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، من خلال تقديم الحوافز للقطاعات قليلة الإنبعاثات لغاز الكربون.   

حرص صندوق النقد العربي عند تصميم برنامج الورشة، على تناول القضايا التي تهم الاستقرار المالي ودور المصارف المركزية في مرحلة التعافي، بما يشمل دور السياسات المالية والنقدية والاحترازية الكلية في هذه المرحلة، والتنسيق بين السياسات الإقتصادية. كما تتناول الورشة موضوعات إدارة معالجة المخاطر والتحديات التي تواجه القطاع المصرفي وسبل تعزيز متانة القطاع في مرحلة التعافي والحد من المخاطر النظامية، إلى جانب أثر التذبذبات في أسواق المال العالمية والمحلية على الاستقرار المالي، ودور الاقتصاد الرقمي والتمويل المسؤول في مرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا. أخيراً، ستتطرق المناقشات للبحث في دور المؤسسات الإقليمية والدولية في دعم جهود السلطات في الدول العربية في مرحلة التعافي.

أصحاب المعالي والسعادة،

الحضور الكريم،

يمثل تعزيز الاستقرار المالي وسلامة المؤسسات المالية والمصرفية ركيزة أساسية في إطار سياسات وتدخلات المصارف المركزية العربية. فعلى الرغم من أزمة فيروس كورونا المستجد والتطورات والتحديات الاقتصادية التي شهدها العالم والمنطقة العربية، وما رافق ذلك من تحديات مالية، إلا أن الجهاز المصرفي في الدول العربية كان مستقراً وقادراً بشكل عام على تحمل الصدمات، حيث استطاع القطاع المصرفي في الدول العربية تجاوز أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد دون حدوث آثار سلبية جوهرية على المراكز المالية، حيث واصلت المؤسسات المالية والمصرفية دورها الهام في الاقتصاد.

حقق الجهاز المصرفي في الدول العربية في مؤشراته الأولية، مستويات جيدة من رأس المال والسيولة وجودة الأصول والربحية، الأمر الذي يعكس سياسات وجهود السلطات الرقابية لضمان سلامة القطاع المالي بما يعزز من الاستقرار المالي. حيث بلغت مستويات كفاية رأس المال مستويات جيدة، وبهامش مريح عن تلك المطبقة دولياً حسب معيار بازل Ⅲ، حيث بلغ متوسط النسبة في الدول العربية في نهاية عام 2021 حوالي 17.8 في المائة، الأمر الذي يُشير إلى استمرار تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية بما يعزز من قدرته على استيعاب الخسائر المحتملة. أما فيما يخص جودة الأصول، فقد استقر متوسط نسبة القروض غير العاملة إلى إجمالي القروض في الدول العربية عند مستواه في العام السابق نحو 8.5 في المائة في نهاية عام 2021، في حين حافظ متوسط نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير العاملة لدى القطاع المصرفي في الدول العربية على مستوياته الجيدة في نهاية عام 2021. حيث بلغ متوسط النسبة حوالي 91.1 في المائة في نهاية عام 2021، مقابل حوالي 87.3 في المائة في نهاية عام 2020. كذلك ارتفع متوسط نسبة الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول في الدول العربية من 30.9 في المائة في نهاية عام 2020 إلى 32.7 في المائة في نهاية عام 2021، كذلك تحسنت الكفاءة التشغيلية للبنوك وربحيتها، إذ ارتفع كل من معدل العائد على حقوق المساهمين ومعدل العائد على الأصول من 6.55 في المائة و0.81 في المائة في نهاية عام 2020 ليصلا في نهاية عام 2021 إلى 11.76 في المائة و1.24 في المائة، على التوالي.

لا أريد أن أطيل عليكم، فقط أود أن أشير أن صندوق النقد العربي في إطار إعداده لتقرير الاستقرار المالي في الدول العربية، يحرص على تحليل كافة المخاطر التي تواجه مقومات الاستقرار المالي في الدول العربية. ونقدر في هذا السياق، تعاون واستجابة المصارف المركزية في إعداد وتطوير التقرير لما يمثله من مرجعية لصانعي السياسات.

أؤكد مجدداً على الأهمية الكبيرة التي يوليها الصندوق لتعزيز التواصل والحوار على مستوى كبار المسؤولين من البنوك المركزية العربية بمشاركة خبراء المؤسسات والأطر المالية الدولية، للتباحث والتشاور في أنجع السبل والسياسات التي من شأنها تعزيز التعافي الاقتصادي للدول العربية في مرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا.

قبل أن أختم، أود أن أنتهز هذه المناسبة لأجدد خالص شكرنا وتقديرنا للسلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر صندوق النقد العربي على الدعم المتواصل الذي تقدمه لصندوق النقد العربي بما يساهم في إنجاح الأنشطة والأعمال التي يقوم بها الصندوق.

أشكر لكم حضوركم، متطلعين للترحيب بكم في أبوظبي في مناسبات قريبة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.