معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في افتتاح ورشة العمل الثانية "عن بُعد" حول تحسين كفاءة إدارة الدين العام في الدول العربية

على مستوى مديري الدين العام والفنيين المعنيين بقضايا الدين العام في الدول العربية

أهمية تمتع الاقتصادات بالمرونة الكافية لمواجهة الصدمات الاقتصادية

396 مليار دولار أمريكي قيمة الحزم التحفيزية التي تبنتها الدول العربية

303 تريليون دولار أمريكي حجم الدين العام الإجمالي العالمي، ما نسبته 351 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنهاية عام 2021

756 مليار دولار أمريكي حجم الدين العام للدول العربية المقترضة بنهاية عام 2021 تمثل نحو 108 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة

              12.8 مليار دولار أمريكي حجم التمويل المستدام في المنطقة العربية حتى مارس 2022

            1.04 تريليون دولار أمريكي حجم عمليات التمويل المستدام على مستوى العالم في نهاية عام 2021

ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمةً في افتتاح أعمال ورشة العمل الثانية "عن بُعد" حول تحسين كفاءة إدارة الدين العام في الدول العربية التي تنعقد على مستوى المدراء وكبار المسؤولين المعنيين بقضايا الدين العام، بمشاركة ممثلين عن وزارات المالية ومراكز الدين العام في الدول العربية، التي يأتي تنظيمها في إطار حرص صندوق النقد العربي على دعم جهود السلطات في الدول العربية في الارتقاء بسياسات إدارة المديونية العامة.

أكد معاليه في الكلمة أن جائحة كورونا والتطورات الدولية الراهنة، أبرزت أهمية تمتع الاقتصادات العالمية بالمرونة الكافية لمواجهة الصدمات الاقتصادية أياً كان مصدرها، وضرورة تبني السياسات الاقتصادية المناسبة التي تستهدف توسيع حيز السياسات المتاح أمام الحكومات لمواجهة ظروف عدم اليقين والمخاطر التي تفرضها الأزمات المختلفة، مشيراً في هذا الإطار إلى تداعيات التطورات الراهنة التي زادت من حدة تداعيات الجائحة من خلال ما أدت اليه من ارتفاع في مستويات أسعار الغذاء، والمواد الخام، والطاقة على المستوى العالمي، وزيادة الضغوط على سلاسل الإمداد العالمية التي لم تكن قد تعافت بعد من تداعيات جائحة كورونا.

بيّن معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أن الدين العام على مستوى الدول العربية، قد شهد ارتفاعا نسبياً ملموساً بسبب إستمرار إرتفاع مستويات العجز المالي على خلفية تداعيات الظروف الخارجية غير المواتية، وتباطؤ عملية ضبط أوضاع المالية العامة، وتقلبات النمو الاقتصادي، إضافة إلى التحديات التي شهدتها الأوضاع المالية بسبب تداعيات الجائحة والحزم التحفيزية التي تبنتها السلطات في الدول العربية، مشيراً في هذا الصدد إلى قيام الدول العربية بتبني حزم تحفيزية تناهز 396 مليار دولار أمريكي حتى نهاية مارس 2022، منوهاً بوصول الدين العام الإجمالي العالمي بنهاية عام 2021 إلى نحو 303 تريليون دولار أمريكي تمثل نحو 351 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهي مستويات غير مسبوقة.

في نفس الإطار، أكد معاليه أن ارتفاع مستويات المديونية في عدد من الدول العربية، يمثل تحدياً أمام صناع السياسات، مبيّناً أن المستويات المرتفعة من المديونية تحد من قدرة حكومات هذه الدول على توفير موارد إضافية داعمة للنشاط الاقتصادي ومعززة للتعافي من التداعيات الناتجة عن الجائحة، مشيراً أن الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة بلغ نحو 108 في المائة بنهاية عام 2021، بمبلغ يصل إلى نحو 756 مليار دولار أمريكي.

في نفس السياق، أكد معالي الدكتور الحميدي أن إرتفاع مستوى الدين العام، يفرض تحديات على السلطات في الدول العربية مع تزايد المخاطر المرتبطة به نتيجة إرتفاع حجم احتياجات تمويل الموازنة ومتطلبات التمويل الخارجي، مبيّناً أن مواجهة هذه المخاطر وتداعياتها، تتطلب إلى جانب الإستمرار في سياسات الضبط المالي والإصلاحات الداعمة للنمو، تعزيز قدرات الدول في مجال إدارة الدين العام وتعزيز الأطر الإحترازية الكلية.

أكد معاليه كذلك أن إدارة الدين العام، ترتكز على وجود سياسات سليمة على صعيد الإقتصاد الكلي وفي القطاع المالي، لتعزيز إستدامة مستوى الدين العام وإحتواء معدل نموه، منوهاً بأهمية تطوير أسواق التمويل المحلية في الدول العربية، لتوفير قنوات تمويل مُستدامة مع تخفيض تكلفة الإصدار.

من جانب آخر، أكد معالي الدكتور عبدالرحمن الحميدي على الاهتمام العالمي بتطبيق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة لدعم مواجهة تداعيات تغيرات المناخ من خلال دعم المشاريع صديقة البيئة وتشجيع الاستثمار بها، مشيراً أن أدوات التمويل المستدام والمسؤول (السندات والصكوك الخضراء) باتت تلعب دوراً مهماً في توفير قنوات تمويل إضافية لتمويل المشروعات التي تراعي أبعاد بيئية واجتماعية، مبيّناً في هذا الصدد أن عمليات التمويل المستدام شهدت نمواً كبيراً على المستوى العالمي، مشيراً في هذا الصدد إلى ارتفاع حجمها من نحو 164 مليار دولار في عام 2017 إلى نحو 1.04 تريليون دولار أمريكي في عام 2021، كما أشار معاليه إلى ارتفاع حجم التمويل المستدام في الدول العربية من 590 مليون دولار أمريكي في عام 2017 إلى 4.9 و3.9 مليار دولار أمريكي خلال عامي 2020 و2021 على التوالي، ليصل إجمالي التمويل المستدام في المنطقة العربية إلى نحو 12.8 مليار دولار أمريكي حتى مارس 2022.

أخيراً، أكد معالي الدكتور الحميدي أن صندوق النقد العربي يولي أهمية كبيرة لتعزيز المشورة الفنية والتدريب في مواضيع تحسين إدارة الدين العام، مشيراً في هذا الصدد إلى الدعم الفني من خلال مبادرة تطوير أسواق أدوات الدين بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، والدورات التدريبية التي ينظمها الصندوق بصورة مستمرة حول إدارة الدين العام بالتعاون مع البنك الدولي، إلى جانب تنظيم ورش العمل وإعداد الدراسات والإسهامات البحثية في مواضيع إدارة الدين العام.

أصحاب السعادة

حضرات السيدات والسادة الحضور،

أسعد الله أوقاتكم بكل خير،

يسرني أن أرحب بكم في افتتاح ورشة العمل الثانية رفيعة المستوى التي تنعقد "عن بعد" حول تحسين كفاءة إدارة الدين العام في الدول العربية على مستوى المدراء وكبار المسؤولين المعنيين بقضايا الدين العام. وإذ أشكر جميع الزميلات والزملاء من وزارات المالية ومراكز الدين العام على مشاركتهم في الورشة، فإننا نتطلع إلى المداولات بما يعزز من إدراك السياسات المناسبة للتعامل مع تنامي المديونيات العامة، ومناقشة فرص تعزيز التعاون الإقليمي بما يخدم نقل المعرفة وتبادل التجارب والخبرات بين الدول العربية.

كما أنتهز هذه المناسبة لأعرب عن التقدير لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، وجمعية الخليج للسندات والصكوك، على مشاركتهم في الورشة. كما نقدر أيضاً مشاركة عدد من مدراء الدين العام في تقديم مداخلات خلال الورشة حول تجاربهم والسياسات المناسبة في هذا الصدد.

حضرات السيدات والسادة الحضور،

لا يخفى عليكم التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي نتيجة التطورات الدولية واستمرار ظروف عدم اليقين، التي لا زالت تُلقي بظلالها على توقعات النمو الاقتصادي العالمي والإقليمي وتؤثر على وتيرة التعافي الاقتصادي في عدد كبير من دول العالم، وتفرض على صناع السياسات الاقتصادية تحديات استثنائية للتغلب على التداعيات الاقتصادية والمالية التي مثلت اختباراً لمدى قدرة حكومات دول العالم على الصمود أمام تحديات لم تكن معهودة في السابق.

أبرزت جائحة كورونا والتطورات الدولية الراهنة، أهمية تمتع الاقتصادات العالمية بالمرونة الكافية لمواجهة الصدمات الاقتصادية أياً كان مصدرها، وضرورة تبني السياسات الاقتصادية المناسبة التي تستهدف توسيع حيز السياسات المتاح أمام الحكومات لمواجهة ظروف عدم اليقين والمخاطر التي تفرضها الأزمات المختلفة لحماية النمو الاقتصادي والتشغيل. زاد من حدة تداعيات الجائحة التطورات الراهنة، التي أدت إلى ارتفاعات في الأسعار العالمية لاسيما فيما يتعلق بأسعار الغذاء والمواد الخام، والطاقة، والمزيد من الضغوط على سلاسل الإمداد العالمية التي لم تكن قد تعافت بعد من تداعيات جائحة كورونا. كما أن هناك تأثيرات واسعة النطاق للجائحة متشابكة على كافة الحكومات والأسواق والأسر على مستوى العالم وتزيد من مستويات المخاطر وعدم اليقين.

أدت هذه التحديات التي فرضت على دول العالم زيادة في الإنفاق العام، خاصةً منه الإنفاق الموجه لقطاع الصحة والقطاعات الأخرى المتأثرة، إضافة إلى جانب تلبية الاحتياجات المتزايدة من موارد مالية طويلة الأجل، لمواصلة تمويل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ومشروعات البنية التحتية. 

بناءً عليه، شهد الدين العام ارتفاعاً نسبياً ملموساً على مستوى الدول العربية بسبب إستمرار إرتفاع مستويات العجز المالي على خلفية تداعيات الظروف الخارجية غير المواتية، وتباطؤ عملية ضبط أوضاع المالية العامة، وتقلبات النمو الاقتصادي، إضافة إلى التحديات التي شهدتها الأوضاع المالية بسبب تداعيات الجائحة والحزم التحفيزية التي تبنتها السلطات في الدول العربية، حيث تبنت الدول العربية حزم تحفيزية بقيمة تناهز 396 مليار دولار أمريكي حتى نهاية شهر مارس 2022.

كذلك شهد الدين العام الإجمالي العالمي إرتفاعاً ملحوظاً ليصل إلى مستويات غير مسبوقة بنهاية عام 2021، ليصل إلى 303 تريليون دولار تمثل نحو 351 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. جاء نحو نصف الارتفاع المسجل في مستويات المديونية العالمية كنتيجة لاستحقاقات التوسع في حزم التحفيز الهادفة إلى احتواء الآثار السلبية لجائحة كورونا، فيما جاءت باقي الزيادة المسجلة في المديونية نتيجة الارتفاع في ديون المؤسسات غير المالية والبنوك.

حضرات السيدات والسادة الحضور،

يمثل ارتفاع مستويات المديونية في عدد من الدول العربية تحدياً أمام صناع السياسات، حيث تحول المستويات المرتفعة من المديونية من قدرة حكومات هذه الدول على توفير موارد إضافية داعمة للنشاط الاقتصادي ومعززة للتعافي من التداعيات الناتجة عن الجائحة، خاصة في ظل ارتفاع معدلات المديونية الذي شهدته الدول العربية في أعقاب الجائحة مع ما استلزمته تلك الظروف الاستثنائية من تدخل الحكومات بموارد مالية لدعم التعافي نتج عنها ارتفاع لمعدلات الدين العام.

فعلى مستوى الدول العربية كمجموعة، وصلت مستويات الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة إلى نحو 115 في المائة بنهاية عام 2020، بمبلغ يصل إلى نحو 766 مليار دولار أمريكي. بالتأكيد إن تأخر أفق التعافي الاقتصادي سواءً كنتيجة لامتداد أجل استمرار الجائحة، أو ظروف عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد العالمي يزيد من حجم تحدي ارتفاع مستويات المديونية العامة للدول العربية، حيث سيستلزم استمرار تدخل الحكومات العربية بتدابير داعمة للتعافي من شأنها التأثير على الاستدامة المالية في الأجلين المتوسط والطويل. وتشير تقديرات صندوق النقد العربي أن الدين العام للدول العربية المقترضة انخفض نسبياً مع نهاية عام 2021 ليصل إلى نحو 756 مليار دولار أمريكي، ما يعادل نحو 108 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، نتيجة تحسن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية خلال العام الماضي مقارنة بعام 2020.

لا يخفى عليكم ما يفرضه إرتفاع مستوى الدين العام، من تحديات للسلطات في الدول العربية مع تزايد المخاطر المرتبطة به نتيجة إرتفاع حجم احتياجات تمويل الموازنة ومتطلبات التمويل الخارجي، وإن تباينت مستويات هذه المخاطر بين الدول العربية. ولا شك أن مواجهة هذه المخاطر وتداعياتها، تتطلب إلى جانب الإستمرار في سياسات الضبط المالي والإصلاحات الداعمة للنمو، تعزيز قدرات الدول في مجال إدارة الدين العام وتعزيز الأطر الإحترازية الكلية.

حضرات السيدات والسادة الحضور،

ترتكز إدارة الدين العام على وجود سياسات سليمة على صعيد الإقتصاد الكلي وفي القطاع المالي، لتعزيز إستدامة مستوى الدين العام وإحتواء معدل نموه. كما ينبغي أن تعزز الترتيبات التنظيمية والمؤسسية عناصر السياسة العامة لإدارة الدين العام، من حيث تيسير التنسيق بين السياسات الاقتصادية، وتطوير سوق أدوات الدين المحلي.

يُتيح برنامج الورشة اليوم، الفرصة لمناقشة تطورات السياسات لتحقيق التوازن بين استدامة مستويات الدين العام ودعم الأنشطة الاقتصادية، في ضوء آفاق التطورات الاقتصادية والمالية الإقليمية والدولية. كما يبرز إلى جانب مناقشة السياسات المناسبة لاحتواء الارتفاع في المديونيات العامة، أهمية تعزيز شفافية عمليات إدارة الدين العام وإدارة مخاطرها، من خلال الارتقاء بكفاءة تقارير وإحصاءات الدين ودورية إصدارها. وهي مناسبة طيبة أن تناقش الورشة، الإرشادات المناسبة لتعزيز شفافية أنشطة الدين العام، بما يعزز من القدرة على الحد من المخاطر وإدارتها بصورة فعّالة.

كذلك تبرز من جانب آخر، أهمية تطوير أسواق التمويل المحلية في الدول العربية، لتوفير قنوات تمويل مُستدامة مع تخفيض تكلفة الإصدار، وما يتطلبه ذلك من جهود لتطوير إدارة أنشطة وإستراتيجيات فعّالة للدين العام، في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق المالية نمواً ملموساً في إصدارات السندات والصكوك الحكومية وشبه الحكومية.

حضرات السيدات والسادة الحضور،

تعززَّ في السنوات الأخيرة، الاهتمام بتطبيق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة لدعم مواجهة تداعيات تغيرات المناخ من خلال دعم المشاريع صديقة البيئة وتشجيع الاستثمار بها، حيث باتت تلعب أدوات التمويل المستدام والمسؤول (السندات والصكوك الخضراء) دوراً مهماً في توفير قنوات تمويل إضافية لتمويل المشروعات التي تراعي أبعاد بيئية واجتماعية.

لذلك حرصت الورشة على التشاور حول الفرص الكامنة المتاحة من جراء تطوير أدوات التمويل المستدام، والإرشادات المتعلقة بمتطلبات إصدار الأدوات السيادية المستدامة، وكيفية التنسيق والربط بين تحقيق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة من جراء إصدار السندات والصكوك السيادية الخضراء وبين تحقيق أهداف الموازنات العامة للدول.

فكما تعلمون شهدت عمليات التمويل المستدام نمواً كبيراً على المستوى العالمي، حيث ارتفعت من نحو 164 مليار دولار في عام 2017 إلى نحو 1.04 تريليون دولار في عام 2021، فيما ارتفع حجم التمويل المستدام في الدول العربية من 590 مليون دولار في عام 2017 إلى 4.9 و3.9 مليار دولار خلال عامي 2020 و2021 على التوالي، ليصل إجمالي التمويل المستدام في المنطقة العربية إلى نحو 12.8 مليار دولار أمريكي حتى شهر مارس 2022. إلا أن اللافت أن إصدارات أدوات التمويل السيادية العربية، اقتصر حتى اللحظة على إصدار سيادي واحد للسلطات العربية في عام 2020 كان لحكومة جمهورية مصر العربية. مع ملاحظة تزايد الاهتمام من قِبل السلطات العربية بمواضيع التمويل المستدام، حيث أطلقت المملكة العربية السعودية مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، وأصدرت السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة إطار التمويل المستدام، فيما أصدرت السلطات التونسية دليل إصدار السندات الخضراء والاجتماعية، إضافةً لما سبق ذكره من إصدار السلطات المصرية لسندات خضراء سيادية في المنطقة العربية، وتبني هذه السلطات لإطار حول إجراءات إصدار أدوات التمويل المستدام.

ولا شك أن التوسع في أدوات التمويل المستدام السيادية لتمويل الاستثمارات العامة، يتطلب العمل على بناء قاعدة بيانات ومعلومات شاملة حول المشروعات البيئية والاجتماعية المؤهلة، وتطوير آليات التقييم الائتماني لمثل هذه الإصدارات، إلى جانب ضرورة تعزيز التنسيق بين كافة الأطراف المعنية بقياس وتقييم أثر الإصدارات، وصولاً إلى الاهتمام بتطوير قاعدة المستثمرين في السوق المحلي. كما يتطلب الأمر، الاهتمام بإدماج المعايير البيئية والمجتمعية بالسياسات الاستثمارية للمستثمر المؤسسي المحلي: صناديق التقاعد والمعاشات، وصناديق الثروات السيادية، والبنوك، والمؤسسات المالية والاستثمارية.

حضرات السيدات والسادة الحضور،

إدراكاً لكل ما تقدم، يولي صندوق النقد العربي أهمية كبيرة لتعزيز المشورة الفنية والتدريب في مواضيع تحسين إدارة الدين العام. فمن جانب، يوفر الصندوق الدعم الفني من خلال مبادرة تطوير أسواق أدوات الدين بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. كذلك ينظم الصندوق دورات تدريبية بصورة مستمرة حول إدارة الدين العام بالتعاون مع البنك الدولي. كما يكثف الصندوق أنشطته في مواضيع إدارة الدين العام، من خلال تنظيم ورش العمل وإعداد الدراسات والإسهامات البحثية، بما يساهم في نقل التجارب وأفضل الممارسات وتبادل الخبرات بين إدارات الدين العام وتعميق المعرفة والاستفادة من الدروس المستخلصة، علاوة على تقوية أطر تحليل الدين العام بما يساعد على تقييم وضع المديونية العامة من خلال تعزيز القدرات الفنية والبشرية في مجال تحليل إستدامة الدين العام، وإدارة مخاطر الدين، والمخاطر المالية المترتبة على الإلتزامات المحتملة على الموازنة العامة، وتطوير استراتيجيات إدارة الدين، وتطوير أسواق أدوات الدين المحلية، وغيرها من المجالات.

قبل الختام، أتطلع أن تساهم مناقشاتكم اليوم في إطلاق تنسيق إقليمي لمواصلة الحوار حول سبل الارتقاء بسياسات إدارة المديونية العامة بما يحقق الاستدامة والاستقرار. ولا شك أن صندوق النقد العربي على أتم الاستعداد للمساعدة في هذا الصدد.

أخيراً، لا يفوتني في هذه المناسبة، إلا أن أجدد الشكر والعرفان لدولة مقر صندوق النقد العربي، دولة الإمارات العربية المتحدة، على ما تقدمه من تسهيلات كبيرة تساهم في نجاح الصندوق في سعيه لتحقيق أهدافه.

أشكر لكم حضوركم، متطلعين للترحيب بكم في أبوظبي في مناسبات قريبة.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.