صندوق النقد العربي يُصدر دراسة بعنوان " التجارة العربية البينية: الواقع، والتحديات، والآفاق المستقبلية "

الدراسة تؤكد أهمية زيادة معدلات التجارة العربية البينية التي لا تزال متواضعةً نسبياً بحدود 13.8 في المائة

رغم نجاح جهود الدول العربية على صعيد خفض التعريفة الجمركية في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، لا تزال هناك حاجة لبذل جهود أكبر للتغلب على الأثر غير المواتي للتدابير غير الجمركية التي تغطي نحو 50 في المائة من المبادلات التجارية العربية

الدول الآسيوية تعتبر أهم شريك تجاري للدول العربية حيث تستقبل 54 في المائة من الصادرات العربية الإجمالية

تشابه هياكل الإنتاج، وانخفاض مستويات التنويع الاقتصادي، وارتفاع تكاليف الشحن، وتراجع تنافسية الصادرات أهم التحديات التي تواجه تعزيز العلاقات التجارية بين الدول العربية

الدراسة توصي بأهمية الإسراع باستكمال متطلبات تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتعزيز الاستثمارات البينية، والتوجه نحو تطوير سلاسل قيمة إقليمية، والاستفادة من التجارب الدولية المتميزة لتعزيز التجارة العربية البينية

في إطار حرصه على تطوير أنشطته البحثية بما يخدم صناع القرار في الدول العربية في الموضوعات ذات الأولوية، أصدر صندوق النقد العربي دراسة بعنوان " التجارة العربية البينية: الواقع، والتحديات، والآفاق المستقبلية ".  تطرقت الدراسة إلى الإطار المفاهيمي للتجارة البينية وأهميتها الاقتصادية، واستعرضت التجربة العربية في مجال سياسات التجارة الخارجية الرامية للوصول إلى التكامل التجاري العربي، كما ألقت الضوء على واقع ومؤشرات ومقومات التجارة العربية البينية، إضافة إلى قياس فجوة التجارة الخارجية وتحديات تعزيز التجارة العربية البينية.

تأتي أهمية الدراسة في ظل التحديات الدولية التي تؤكد أهمية دعم التجارة بين التكتلات الإقليمية ومن بينها المنطقة العربية، وهو ما لم يعد خياراً بل بات ضرورةً لدعم التكامل الاقتصادي العربي، خاصةً في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية الراهنة، وحاجة الدول العربية إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية البينية، خصوصاً في مجال التجارة، التي لا تزال دون المستوى المأمول.  في هذا السياق، أشارت الدراسة إلى أن نسبة التجارة العربية البينية تمثل نحو 13.8 من إجمالي التجارة الخارجية للدول العربية، وهي نسبة مما لا شك فيه متواضعةً نسبياً، ولا تلبي الطموحات بالمقارنة مع النسب المثيله المسجلة في التكتلات الاقليمية الأخرى. في هذا السياق، أكدت الدراسة على أن الأطر العربية الرامية لتعزيز التجارة العربية البينية تحتاج إلى مزيد من الجهد لترتقي لمستوى أعلى بما يتماشى مع مثيلاتها المسجلة في التكتلات الدولية الرئيسة ومن أهمها دول الاتحاد الأوروبي.

كما تطرقت الدراسة في هذا الإطار، إلى جهود الدول العربية السابقة لتعزيز وتنمية تجارتها البينية، ومن أبرزها تلك المبذولة في سياق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي تأسست عام 1997 لتشجيع التبادل التجاري بين الدول العربية، والحفاظ على مصالحها أمام التكتلات الاقتصادية العالمية، حيث تم في هذا الصدد بذل العديد من الجهود على صعيد تحرير التجارة السلعية، وتسهيل التجارة بين الدول العربية، إضافة إلى تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية، والتوجه نحو إنشاء الاتحاد الجمركي العربي.

أوضحت الدراسة تحقيق الدول العربية لتقدم كبير على صعيد تخفيض التعريفة الجمركية في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، فيما لا تزال هناك حاجة لبذل مجهودات موازية بهدف التغلب على الأثر غير المواتي للتدابير غير الجمركية التي تؤثر على حركة وانسيابية التجارة العربية البينية، حيث أشارت الدراسة إلى أن نسبة التجارة المغطاة بالتدابير غير الجمركية في الدول العربية تصل في المتوسط إلى ما يزيد عن 50 في المائة من إجمالي التجارة العربية البينية، وأوضحت أن بعض هذه التدابير يمثل عائقاً أمام تيسير المبادلات التجارية بين الدول العربية.

كما اهتمت الدراسة بتحليل حركة التجارة الخارجية في الدول العربية خلال العقود الماضية وأشارت إلى تأثرها بعدة عوامل أدت إلى انكماشها في بعض الفترات وانتعاشها في فترات أخرى، بما يعكس بالأساس تركز الصادرات السلعية العربية، حيث تمثّل الصادرات النفطية أكثر من 50 في المائة من إجمالي الصادرات العربيـــة، وبما يؤثر على توجهات التجارة العربية الخارجية وأدائها بحسب تقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية.  ومن حيث اتجاهات التجارة الخارجية للدول العربية، أوضحت الدراسة أن الدول الآسيوية تعتبرأهم شريك تجاري للدول العربية، حيث بلغت حصة الصادرات السلعية للدول العربية المتوجهة إلى القارة الآسيوية حوالي 54 في المائة من إجمالي صادراتها.

كأي منطقة جغرافية تسعى للتكامل الاقتصادي من خلال تعزيز العلاقات التجارية بينها، أشارت الدراسة إلى التحديات والصعوبات التي تواجه المنطقة العربية والتي تستلزم تسليط الضوء عليها والعمل على حلها. تتمثل أهم هذه التحديات في تشابه هيكل الإنتاج في معظم الدول العربية، وانخفاض مستويات التنويع الاقتصادي في الدول العربية، وارتفاع تكاليف الشحن، والحاجة إلى تعزيز آليات ضمان وتمويل الصادرات، إضافة إلى تراجع مستوى تنافسية صادرات الدول العربية في الأسواق العالمية، والحاجة إلى المزيد من تفعيل التزامات تحرير تجارة الخدمات التي تشكل حالياً محوراً مهماً للتكامل الاقتصادي العربي، علاوة على تحديات الحصول على الائتمان.

على ضوء ما سبق، خلصت الدراسة إلى بعض التوصيات على صعيد السياسات لتعزيز التجارة العربية البينية من أهمها:

  • الإسراع باستكمال كافة متطلبات تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، ومن أهمها الوصول إلى الاتحاد الجمركي العربي، والتفعيل الكامل لاتفاقية تحرير تجارة الخدمات، وتطوير آليه فض المنازعات والرصد والمتابعة.
  • إشراك القطاع الخاص العربي في عملية اتخاذ القرار، باعتباره شريكاً أساسياً في تحقيق وتنمية التجارة العربية البينية والتكامل الاقتصادي، ذلك من خلال إشراكه في المفاوضات التجارية وفي مراحل العمل على تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية الداعمة لتحرير التجارة البينية.
  • تعزيز الاستثمارات العربية في المجالات المرتبطة بالبنية التحتية خاصة قطاع النقل البري والبحري والجوي، والخدمات اللوجستية، وكذلك القطاعات ذات القدرة التصديرية والميزة التنافسية في الدول العربية.
  • دراسة سبل الوصول إلى التكامل القطاعي في بعض القطاعات الإنتاجية الأساسية، لتعزيز استفادتها من التجارة الحرة العربية، بغرض تطوير سلاسل قيمة إقليمية قادرة على دفع الصادرات العربية قدماً والاندماج في سلاسل القيمة العالمية.
  • تفعيل مبدأ الشفافية في المعاملات التجارية البينية العربية من خلال اعتماد الآلية الخاصة بمتطلبات الشفافية في إطار اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، من خلال نشر قوانين ولوائح وسياسات الدول الأعضاء، وآليات الإخطار، وتوفير المعلومات، وتحديد مهام نقاط الاتصال الوطنية في الدول الأعضاء.
  • الاستفادة من تجارب البلدان التي حققت مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي، كالدول الأوروبية، لا سيما فيما يتعلق بمتطلبات نجاح تلك التكتلات والسياسات الاقتصادية والتجارية الداعمة.
  • تقليص إجراءات وزمن وتكلفة إنجاز المعاملات ذات الصلة بالتجارة عبر الحدود لا سيما من خلال تبني نظام النافذة الواحدة، والاستخدام المكثف للتقنية في مراحل التبادل التجاري.

 

النسخة الكاملة من الدراسة متاحة على الرابط