صندوق النقد العربي يُصدر دراسة حول "مخاطر الإفراط في مديونية القطاع العائلي على الاستقرار المالي"

بالرغم من الآثار الإيجابية لإقراض القطاع العائلي، إلا أن الإفراط في إقراض هذا القطاع على حساب القطاعات الاقتصادية الإنتاجية قد يزيد من مخاطر الإئتمان في القطاع المصرفي

تساهم أدوات السياسة الإحترازية الكلية في ضبط مخاطر إقراض القطاع العائلي في النظام المالي

تغيير أدوات السياسة النقدية لا يؤثر سلباً على نسبة القروض غير العاملة

وجود علاقة سالبة بين حجم البنك ومعدل تعثر القطاع العائلي في السداد

هناك فرص للاستفادة من صناعة المعلومات الائتمانية في تعزيز إدارة مخاطر الائتمان

في إطار جهود صندوق النقد العربي لدعم مساعي السلطات الاشرافية في الدول العربية في تناول القضايا ذات الأولوية لتطوير القطاع المالي، أصدر الصندوق دراسة حول "مخاطر الإفراط في مديونية القطاع العائلي على الاستقرار المالي". بهدف إلقاء الضوء على العلاقة المحتملة بين مخاطر الإئتمان للقطاع العائلي وأثره على الإستقرار المالي في الدول العربية، من واقع بيانات عن عشر دول عربية خلال الفترة الممتدة (2015-2020)،  بإستخدام  طريقة الفروقات اللحظية المعممة The difference Generalized Method of Moments GMM)). تم قياس مخاطر الإئتمان العائلي من خلال متغير نسبة الإئتمان العائلي إلى إجمالي الإئتمان، بشكل يأخذ في الإعتبار وجود أدوات إحترازية تخفف من هذه المخاطر وتحد من المخاطر النظامية التي قد تنشأ عن هذا القطاع، حيث تم إستخدام متغيرات تقيس أثر تفعيل أو تشديد أداتي نسبة الدين إلى الدخل (Debt to Income- DTI)، ونسبة القرض إلى قيمة العقار المرهون  (Loan to Value- LTV).

في هذا الإطار، أظهرت النتائج وجود علاقة سالبة ذات معنوية إحصائية بين حجم البنك (الموجودات) ومخاطر الإئتمان. يمكن تفسير ذلك بكفاءة البنوك كبيرة الحجم في إدارة موجوداتها بشكل حصيف وأكثر كفاءة مقارنةً مع البنوك صغيرة الحجم، إضافةً إلى تقييم الجدارة الإئتمانية وتسعير القروض بشكل مبني على مخاطر العملاء. كذلك قد تتسرع البنوك صغيرة الحجم في منح القروض رغبةً منها في إجتذاب العملاء وإكتساب حصة سوقية، كذلك فإن متطلبات بازل III المتعلقة بالبنوك ذات الأهمية النظامية محلياً (DSIBs) تضمنت متطلبات رقابية كمية ونوعية، ورقابة مكثفة على هذه البنوك، وإختبارات أوضاع ضاغطة مكثفة تراعي حجم البنوك، مما يضطرها إلى عدم التسرع في منح القروض. فكلما زادت مخاطر العملاء كلما أدى ذلك إلى متطلبات كفاية رأس مال أعلى.

في نفس السياق، أظهرت النتائج وجود علاقة عكسية ذات دلالة إحصائية معنوية بين معدل العائد على الموجودات ومخاطر الإئتمان، بما يدل على أن تراجع ربحية البنوك قد يدفعها إلى زيادة درجة تحمل المخاطر، بالتالي قد يتم التسرع في منح الإئتمان بهدف تحقيق أرباح لتغطية خسائر العام السابق، مما قد يؤدي إلى ارتفاع توجيه الإئتمان لعملاء جدارتهم الإئتمانية متدنية، مما قد يرفع معدلات التعثر لدى البنك. إضافةً لذلك، من المناسب الإشارة إلى أن معدل العائد على الموجودات يُعتبر من أهم مقاييس الكفاءة التشغيلية، فكلما إرتفع هذا المعدل، كلما دلّ ذلك على كفاءة البنك في إدارة موجوداته.

فيما يخص نسبة التسهيلات غير العاملة، فقد أظهرت نتائج النموذج القياسي وجود ترابط موجب بين قيمة النسبة لعامين متتالين، حيث إن ارتفاع النسبة يشير إلى ارتفاع مخاطر الإئتمان لدى البنك، علماً أن البنك يحتاج لبناء مخصصات من أرباحه لمواجهة هذه المخاطر، ويحتاج تخفيض هذه النسبة لفترة زمنية في حال كانت مرتفعة. بالنسبة للمتغير موضوع الدراسة، وهو نسبة الإئتمان العائلي إلى إجمالي الإئتمان المقدم من البنك. بيّنت النتائج وجود علاقة موجبة ذات دلالة إحصائية معنوية مع مخاطر الإئتمان (نسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات)، تشير هذه النتيجة إلى أهمية التقييم المستمر لمخاطر الإئتمان الممنوح للقطاع العائلي. حيث قد تلعب عوامل كثيرة في زيادة مخاطر الإئتمان الناجمة عن القطاع العائلي، مثل ارتفاع معدلات التضخم، والبطالة، وتراجع الدخل المتاح، وإرتفاع الضرائب، وتراجع النشاط الإقراضي، والتسرع في منح القروض من قبل البنك دون إجراء تقييم كافٍ. كما أن للبنوك المركزية مسؤولية في تقييم المخاطر النظامية التي قد تنشأ عن القطاع العائلي، وإستخدام الأدوات الإحترازية الملاءمة لتخفيف هذه المخاطر قدر الإمكان، ذلك لضمان عدم إثقال كاهل العملاء بالقروض.

أما فيما يخص أدوات السياسة الإحترازية الكلية، فقد وضّحت النتائج وجود علاقة عكسية بين نسبة الدين إلى الدخل ومخاطر الإئتمان، حيث إن وضع سقوف على هذه النسبة، يؤدي إلى ضبط مخاطر الإئتمان، من خلال وضع محددات على الإقتراض تعتمد على ملاءة العميل، الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز التمويل المسؤول. هذه النتيجة تؤكد أهمية دور هذه الأداة الإحترازية في ضبط المخاطر النظامية الناشئة عن القطاع العائلي. في نفس السياق، بينت النتائج أن وضع سقف على نسبة القرض إلى القيمة يرتبط سلباً بمعدلات التعثر، حيث يؤدي وضع سقف محدد على النسبة المذكورة (أو تشديدها) إلى الحد من مخاطر الإئتمان العقاري.

من جانب آخر وفيما يخص المتغيرات الاقتصادية، فقد أظهرت نتائج تقدير النموذج وجود علاقة سالبة ذات دلالة إحصائية معنوية بين نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ومعدل التعثر. حيث أن تراجع النشاط الاقتصادي يؤدي إلى تأثر التدفقات النقدية للشركات والأفراد سلباً، وبالتالي تراجع الدخل المتاح وزيادة إحتمالية تعثرهم. بالنسبة لمعدل التضخم، لم تكن هناك علاقة ذات دلالة إحصائية معنوية ترتبط بنسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات الإئتمانية.

أوصت الدراسة بضرورة تعزيز التمويل المسؤول، والإقبال المدروس على إقراض الأفراد، والإستفادة من قاعدة البيانات الإئتمانية لدى مكاتب الإئتمان أو شركات المعلومات الإئتمانية لترشيد الإئتمان، ومنح القروض وتسعيرها بناءً على مخاطر العملاء. كما أوصت بأهمية دراسة إمكانية تطبيق هامش رأس المال لمواجهة التقلبات الدورية (CCyB) قطاعياً، بما يؤدي إلى تعزيز قدرة البنوك على إستيعاب الصدمات التي قد تنشأ بسبب الإئتمان العائلي. أخيراً أوصت الدراسة بالنظر في إصدار تعليمات موجهة للقطاع المصرفي بخصوص تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 (IFRS9)، ذلك للدول التي لم تقم بعد بتطبيق المعيار، حيث إن تطبيق المعيار يؤدي إلى رصد المخصصات اللازمة لمواجهة مخاطر تعثر العملاء بناءً على مخاطرهم الإئتمانية، ووفق نموذج إحتساب الخسارة الإئتمانية المتوقعة (ECL).

 

النسخة الكاملة من الدراسة متاحة على الرابط