صندوق النقد العربي يُصدر العدد الثاني والعشرين من موجز سياسات بعنوان اقتصاديات جانب العرض، أثر لافر، ومبدأ "الضريبة تقتل الضريبة": مدخل للإصلاحات الضريبية بالدول العربية

تمحور السياسات الاقتصادية حول نهجين أساسيين لدفع النمو الاقتصادي عبر تحفيز

جانبي العرض والطلب الكلي

اقتصاديات جانب العرض تعتمد على تنشيط الاستثمار من أجل زيادة الإنتاج وتقوم على ركائز تشمل السياسات الضريبية والتنظيمية والنقدية

السياسات التي تبناها اقتصاديو جانب العرض أثبتت نجاحها بشكل خاص خلال الثمانينات من القرن العشرين

يوفر "منحنى لافر" اتجاها استرشادياً للتحقق من العبء الضريبي وتأثيره على أهداف السياسة الضريبية، مع ذلك لا يعطي إجابةً مباشرةً وواضحةً عن الضغط الضريبي الأمثل

لم تحظ سياسات جانب العرض بذات الاهتمام الذي حظيت به السياسات الاقتصادية المرتكزة على جانب الطلب

في ظل الإصلاحات التي تبنتها عدد من الدول العربية في سياساتها المالية، يُمكن أن يسهم "منحنى لافر" في تطوير الأنظمة الضريبية

في إطار حرصه على تطوير أنشطته البحثية، أصدر صندوق النقد العربي العدد الثاني والعشرين من سلسلة موجز سياسات بعنوان اقتصاديات جانب العرض، أثر لافر، ومبدأ "الضريبة تقتل الضريبة": مدخل  للإصلاحات الضريبية بالدول العربية. تناول الموجز حركيات السوق (Market Dynamics) التي تشمل العوامل أو القوى التي تؤثر على الأسعار وسلوك المنتجين والمستهلكين، وتؤدي إلى توليد إشارات التسعير كنتيجة لتغير مستويات العرض والطلب لمنتج أو خدمة ما، مشيراً إلى تمحور السياسات الاقتصادية حول نهجين أساسيين لدفع النمو الاقتصادي عبر تحفيز جانبي العرض والطلب الكلي

بناءً على ما سبق، اهتم هذا العدد من موجز السياسات باقتصاديات جانب العرض فيما يُعرف أيضاً باسم "ريجانوميكس" (Reaganomics) نسبةً للرئيس الأمريكي رونالد ريجان الذي كان من أشد المتحمسين لهذا النوع من السياسات المستندة إلى تحفيز جانب العرض الكلي لدفع النمو الاقتصادي. يركز هذا النهج على تشجيع الاستثمار، وزيادة الانتاج من السلع والخدمات، ويستند إلى ثلاث ركائز أساسية تشمل السياسة الضريبية، والسياسة التنظيمية، والسياسة النقدية.

أشار الموجز إلى تركيز الاقتصاديين المؤيدين للرئيس الأمريكي رونالد ريجان في ثمانينات القرن العشرين على اقتصاديات جانب العرض كبديل للنموذج الكينزي لإدارة الطلب الكلي الذي ساد طيلة الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، وتصميم سياسة لمجموعة من التخفيضات الضـريبية لغرض زيادة الحوافز لتشجيع الاستثمار والادخار، وتشجيع تحرير مؤسسات الأعمال من القيود والتدخل الحكومي.

نظرياً، فإن مثل هذه البرامج يُمكن أن تحد من التضخم، وتساهم في ارتفاع في معدلات النمو بحيث إن إيرادات الحكومة تزداد بقدر كاف لتعويض النقص المترتب على تخفيض الضرائب. ووفق هذه السياسات، يتم التركيز على جانب العرض في إطار إعادة الاهتمام بقانون ساي (Say’s Law) الذي يشير إلى أن العرض (الإنتاج) يخلق الطلب المساوي له. ومن هنا ذهب اقتصاديو جانب العرض إلى أن الاقتصاد إن كان يعاني من وجود بطالة وطاقات معطلة وغير مستخدمة فإن الحل يكون من خلال زيادة الإنتاج الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الدخل، ومن ثم خلق طلب مساو لهذه الزيادة في الإنتاج والدخل. لتحقيق ذلك، يتعين التركيز على سياسة تنظيمية تتيح توفير الأمان والحرية التامة، وسياسة ضريبية تسعى إلى تحفيز الاستثمار والإنتاج من خلال تخفيض الضرائب المفروضة على الدخل وعلى الأرباح. وحيث أن معظم النظريات الاقتصادية تقر أن العرض يزداد وينخفض استجابة للتغيرات في إجمالي الإنفاق (الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإجمالي الطلب)، فإن دور السياسة المالية هو التأثير على إجمالي الإنفاق من خلال السياسة الضريبية والإنفاق الحكومي. كما تعمل السياسة النقدية من خلال التأثير على الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي من خلال التغيرات في سعر الفائدة. ولأن تحفيز جانب العرض من خلال السياسة الضريبية يعتبر أحد أهم أسس مدرسة اقتصاديات العرض، فقد تناول الموجز بالتفصيل موضوع العلاقة بين التخفيضات الضريبية والإيرادات الضريبية، وهو ما يتم التعبير عنه بأثر ومنحنى لافر، نسبة إلى الاقتصادي الذي صاغ هذه العلاقة بشكل تطبيقي.

يرى أنصار مدرسة اقتصاديات جانب العرض أن الآثار المحفزة لسياسات جانب العرض من المرجح أن تكون كبيرة بدرجة تعوض الانخفاض في الإيرادات الضريبية، بل على العكس يُمكن أن تؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية بالتوازي مع الزيادة المسجلة في مستويات الانتاج. فعلى الرغم من أن معدلات الضرائب ستكون أقل، إلا أن المزيد من الأشخاص سيعملون ويكسبون دخلاً، وستكسب الشركات المزيد من الأرباح، بحيث تفوق الزيادات في القواعد الضريبية (الأرباح والمبيعات والدخل) الانخفاض في المعدلات الضريبية، مما يؤدي في المحصلة إلى زيادة الإيرادات الحكومية.

أشار الموجز إلى أن منحنى لافر يمكنه أن يساعد صانعي السياسات بالدول العربية في سياق الإصلاحات الضريبية على زيادة كفاءة النظم الضريبية لاسيما أن الكثير من الدول العربية لم يصل الضغط الضريبي فيها بعد إلى الحد الأدنى لمعدله اللازم لتحقيق التنمية الاقتصادية. يساعد التعرف على العبء الضريبي المناسب في أي اقتصاد على التمييز بين مستويين مضرين بالاقتصاد ومستوى أوسط مفيد، حيث يمثل المستوى الأول العبء الضريبي القوي الذي يؤثر عكسياً على الإيرادات الضريبية (وهو عكس الغاية من الضريبة)، والتي سوف تتقلص شيئاً فشيئاً بسبب تهرب المكلفين بالضريبة من دفعها مما سيؤدي إلى تباطؤ وتثبيط النشاط الاقتصادي بصفة عامة، والمستوى الآخر هو العبء الضريبي الضعيف الذي ينتج عن التخفيض المفرط في معدلات الضريبة وقد يكون له أسباب أخرى (التهرب الضريبي مثلاً)، فيما يقع بين هذين المستويين، المستوى الأمثل للعبء الضريبي الذي يعظم الإيرادات الضريبية من جهة، ويحفز جانب العرض في الاقتصاد من جهة أخرى.

النسخة الكاملة من العدد متاحة على الرابط