معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في افتتاح ورشة عمل رفيعة المستوى حول قضايا الحوكمة

الإطار القانوني والمؤسسي الذي يحكم أعمال البنوك المركزية، شهد تغييرات هامة في السنوات الأخيرة

مستوى التحديات المتعلقة باستخدام تدابير السياسة النقدية غير التقليدية، زاد بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وجائحة كورونا

مفهوم شفافية البنوك المركزية، شهد تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية وسط توسيع صلاحيات

ووظائف وسلطات البنوك المركزية

أهمية موازنة درجة استقلالية البنك المركزي مع ترتيبات المساءلة والشفافية والحوكمة المناسبة

جهود كبيرة لترسيخ ممارسات الحوكمة والشفافية والمساءلة في المصارف المركزية للدول العربية خلال السنوات الماضية

يحرص صندوق النقد العربي على دعم جهود السلطات العربية لتعزيز منظومة الحوكمة وإدارة المخاطر

ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في افتتاح ورشة العمل رفيعة المستوى حول "اتجاهات أعمال المصارف المركزية: قضايا الحوكمة، وإدارة المخاطر، والشفافية"، التي عقدها صندوق النقد العربي يوم أمس الاثنين 4 سبتمبر 2023 بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وبمشاركة عدد من أصحاب السعادة نواب محافظي البنوك المركزية العربية وكبار المسؤولين في البنوك المركزية العربية.

أوضح معاليه في كلمته، أن الإطار القانوني والمؤسسي الذي يحكم أعمال البنوك المركزية، شهد تغيرات هامة في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى حصول عدد من البنوك المركزية حول العالم تفويضات أوسع وأوضح ودرجة أعلى من الاستقلالية.

أشار معالي الدكتور الحميدي إلى ازدياد مستوى التحديات المتعلقة باستخدام تدابير السياسة النقدية غير التقليدية، عقب الأزمة المالية العالمية في عام 2008، ومؤخراً جائحة كورونا، منوهاً أن البنوك المركزية لعبت دوراً أكبر من المعتاد، تمثل في دور الملجأ الأخير في الاقتصاد من خلال أدوات السياسة النقدية التقليدية واستخدام أدوات مبتكرة لتوفير السيولة وتحفيز النمو والمحافظة على الاستقرار المالي، إلى جانب تعزيز دورها في الشمول المالي ودعم الابتكار والتحول الرقمي ومواجهة المخاطر والتهديدات الالكترونية وقضايا تمويل المناخ، التي باتت تحظى باهتمام متزايد، مبيناً أن هذه التحديات والتطورات أدت إلى إعادة تسليط الضوء على أهمية موازنة درجة استقلالية البنك المركزي مع ترتيبات المساءلة والشفافية والحوكمة المناسبة.

في سياق متصل، أكد معاليه أهمية أن تكون استقلالية البنك المركزي مصحوبة بآليات مناسبة للمساءلة، منوهاً أنه  من الصعوبة أن تكون الاستقلالية مصانة ومستدامة على المدى الطويل إلا إذا اقترنت بمساءلة مناسبة وواضحة في سياسات وعمليات البنك المركزي.

في نفس الإطار، أشار معالي الدكتور عبدالرحمن الحميدي إلى تطور مفهوم شفافية البنوك المركزية بشكل كبير في العقود القليلة الماضية وسط توسيع صلاحيات ووظائف وسلطات البنوك المركزية، مشيراً إلى المتطلبات الرئيسة الثلاث لتعزيز الشفافية، وهي: الذمة المالية وقواعد السلوك، ونشر التقارير والاحصاءات، وسياسات وأدوات التواصل.

نوّه معاليه  بإطار الشفافية الصادر عن صندوق النقد الدولي، كوسيلة لتقييم شفافية البنوك المركزية، المبني على ثلاث محددات هي: جودة الإفصاح وآليات الوصول إلى منشورات البنك المركزي وسهولة فهمها، ووسائل الإفصاح التي تعتمد على إمكانية الوصول إلى المصادر والمنصات، إضافةً لحسن توقيت الإفصاح ودوريته. 

تطرق معالي الدكتور الحميدي إلى حرص صندوق النقد العربي على دعم جهود السلطات المعنية بالدول العربية في مساعيها لتعزيز منظومة الحوكمة وإدارة المخاطر، من خلال توفير التدريب والفرص لتبادل الخبرات والتجارب مع بقية الدول، مشيراً إلى تنظيم الصندوق العديد من الدورات التدريبية وورش العمل غطت قضايا الحوكمة وإدارة المخاطر والشفافية، إلى جانب تناول تلك المواضيع، في اجتماعات اللجان وفرق العمل المنبثقة عن مجلس محافظي المصارف المركزية العربية.

أخيراً، جدد معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الشكر والعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر صندوق النقد العربي على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه للصندوق، الذي يساهم في نجاح الصندوق لتحقيق الأهداف المنوطة به.

 

في ما يلي كلمة معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي:

 

أصحاب السعادة،

 

حضرات السيدات والسادة الحضور،

 

أسعد الله أوقاتكم بكل خير وسرور، 

 

إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بكم في مدينة أبوظبي في هذه الورشة الهامة حول "اتجاهات أعمال المصارف المركزية: قضايا الحوكمة، وإدارة المخاطر، والشفافية" التي ينظمها صندوق النقد العربي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. كما لا يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر للسادة ممثلي المصارف المركزية، الذين سيشاركوننا تجارب دولهم في الورشة. 

 

كذلك الشكر موصول للزملاء الأعزاء من صندوق النقد الدولي، شريكنا في التنظيم، على تعاونهم مع الصندوق ومساهماتهم ، وأخص بالذكر الأخ الدكتور جهاد الوزير على مساهمته ومتابعته التحضير للورشة. والشكر والتقدير موصول لبقية المشاركين من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية الذين حرصوا على المشاركة والحضور شخصياً، وأولئك الذين حالت الظروف دون حضورهم وحرصوا على المشاركة "عن بعد". 

 

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

 

كما تعلمون شهد الإطار القانوني والمؤسسي الذي يحكم أعمال البنوك المركزية تغييرات هامة في السنوات الأخيرة، حيث مُنحت العديد من البنوك المركزية حول العالم تفويضات أوسع وأوضح ودرجة اعلى من الاستقلالية، خاصة على صعيد هدفي الاستقرار النقدي والاستقرار المالي وكذلك تحديد إطار تنفيذ السياسة النقدية بهدف جعلها أكثر فعالية وشفافية. 

 

يعكس تزايد الاهتمام بتعزيز استقلالية البنوك المركزية ما أثبتته التجارب الدولية من أن ذلك شرط ضروري لفاعلية البنوك المركزية في تحقيق اهدافها. حيث بيّنت الدراسات بصورة عامة وجود علاقة إيجابية بين درجة استقلالية وحوكمة البنك المركزي، والاستقرار المالي والنمو الاقتصادي. مع ذلك في كثير من الأحيان يتم التركيز على توفر الإطار القانوني المناسب للحكم على درجة الاستقلالية، فيما يختلف الأمر في الواقع والممارسة العملية. 

 

كما لا يخفى عليكم أنه في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008، ومؤخراً جائحة كورونا، ازداد مستوى التحديات المتعلقة باستخدام تدابير السياسة النقدية غير التقليدية، إذ لعبت البنوك المركزية دوراً أكبر من المعتاد، حيث مثلت الملجأ الأخير في الاقتصاد من خلال أدوات السياسة النقدية التقليدية واستخدام أدوات مبتكرة لتوفير السيولة وتحفيز النمو والمحافظة على الاستقرار المالي

 

كذلك تعزز الاهتمام بمواضيع دور البنوك المركزية في الشمول المالي ودعم الابتكار والتحول الرقمي ومواجهة المخاطر والتهديدات الالكترونية وقضايا تمويل المناخ، التي باتت تحظى باهتمام متزايد. أدت كل هذه التحديات والتطورات في دور البنوك المركزية إلى إعادة تسليط الضوء على أهمية موازنة درجة استقلالية البنك المركزي مع ترتيبات المساءلة والشفافية والحوكمة المناسبة.

 

 

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

 

يعتبر توفر الأحكام والنصوص القانونية التي تؤكد على الاستقلالية ضرورياً لكنه ليس  كافياً لضمان استقلالية البنك المركزي، حيث كثيراً ما يتم تجاوز الاطار القانوني او تفسيره بصورة تؤثر على استقلالية سياسات البنوك المركزية وبصورة تخدم أهدافاً اقتصادية وسياسات قصيرة الأجل على حساب أهداف الاستقرار النقدي والاستقرار المالي، هذه التحديات واجهتها عدد من البنوك المركزية وانتهت في كثير من الأحيان في أزمات اقتصادية او مالية. ما سبق يستلزم توضيح إطار ومفاهيم الاستقلالية ليس فقط على مستوى السلطات بل على مستوى المجتمع والاعلام، بما يدعم فرص قبول ونجاح سياسات البنوك المركزية واستقلالية هذه البنوك.  

 

وكما تعلمون تتعلق استقلالية البنك المركزي بقدرته على صياغة وتنفيذ السياسات بموجب ولايته دون تأثير من الأطراف الخارجية، حيث تُظهر البيانات أن البنوك المركزية التي كانت أكثر استقلالية، مثل البنوك المركزية في ألمانيا والنمسا وسويسرا، حققت معدل تضخم أقل خلال الفترة 1970-2000 بالمقارنة مع البنوك المركزية التي لا تتمتع بنفس الدرجة من الاستقلالية.

 

لذلك نجد أن المعايير والمبادئ الدولية المحدثة تضمنت إشارة واضحة لقضايا الاستقلالية، حيث أكدت مبادئ بازل على الاستقلالية التشغيلية للسلطات الاشرافية على القطاع المالي، كما تؤكد المبادئ الاساسية لنظم الدفع والبنية التحتية المالية على استقلالية السلطات الاشرافية. 

 

لذلك هناك حاجة إلى توسيع مفهوم استقلالية البنك المركزي ليس فقط على مستوى السياسة النقدية، بل على صعيد الدور الذي يلعبه البنك المركزي في تعزيز سلامة المؤسسات المالية واستقرار النظام المالي ككل.

 

 كما تعلمون يتعين أن يشمل تعزيز الاستقلالية ليس فقط بعدها الوظيفي والعملي، بل أيضاً بقية الأبعاد مثل الإستقلالية المؤسسية، والشخصية، والمالية. ذلك أن معظم البنوك المركزية في الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة مستقلة بموجب القانون، وإنما هذه الاستقلالية متفاوتة من الناحية العملية، حيث الخط الفاصل بين البنوك المركزية والحكومات غالباً ما يكون غير واضح. حتى في الاقتصادات المتقدمة، وعلى سبيل المثال، قد يتعرض محافظو البنوك المركزية لضغوط لتمويل ميزانيات الدول من خلال عمليات شراء ضخمة للديون الحكومية.

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

 

يتطلب الأمر أن تكون استقلالية البنك المركزي مصحوبة بآليات مناسبة للمساءلة، بحيث لا يكون هناك إستقلالية واسعة أو مساءلة مفرطة، لإنه في كلا الحالتين هناك تقويض لفعالية الاستقلالية. ومن الصعوبة أن تكون الاستقلالية مصانة ومستدامة على المدى الطويل إلا إذا اقترنت بمساءلة مناسبة وواضحة في سياسات وعمليات البنك المركزي.

 

بالطبع تحدد وترتبط مساءلة البنوك المركزية بشفافيتها وآليات تواصلها، حيث تعتبر الشفافية عنصرا جوهريا في تمكين البنوك المركزية من تعزيز موثوقية سياساتها وعملياتها.

 

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

 

تطور مفهوم شفافية البنوك المركزية بشكل كبير في العقود القليلة الماضية وسط توسيع صلاحيات ووظائف وسلطات البنوك المركزية كما سبق ذكره، حيث نجد أن هناك ثلاث متطلبات رئيسة لتعزيز الشفافية من خلال متطلبات الإفصاح، مع مراعاة إعتبارات السرية: الذمة المالية وقواعد السلوك، ونشر التقارير والاحصاءات، وسياسات وأدوات التواصل.

 

فيما يخص الذمة المالية وقواعد السلوك، تخضع البنوك المركزية لمتطلبات الشفافية على صعيد حوكمتها الداخلية، من خلال الإفصاحات حول: ترتيبات المساءلة الداخلية (مثل قواعد السلوك والإفصاح حول الممتلكات، وعمل وتفويضات لجان الرقابة التابعة لمجلس الإدارة)، وبيانات واستراتيجيات إدارة المخاطر، والجوانب الرئيسة لإدارة الموارد البشرية. إضافة لذلك يمكن النظر في تعزيز شفافية الإفصاح عن سياسات السلوك الداخلية للبنك المركزي (مثل آليات الإبلاغ عن المخالفات).

 

أما فيما يتعلق بجودة نشر التقارير والاحصاءات، تخضع البنوك المركزية لمتطلبات النشر مثل التقارير الدورية، والمعلومات الأساسية حول أطر إدارة المخاطر الخاصة بها، مع التركيز في الغالب على المخاطر المالية. 

 

إن شفافية العديد من البنوك المركزية في الوقت الحاضر تتجاوز بكثير الإفصاح الإلزامي عن المعلومات الأساسية، حيث أصبح النشر   للتقارير الدورية، وكذلك البيانات المالية المعدة والمدققة وفقًا للمعايير الدولية، وتفاصيل وتوضيحات حول السياسات المتبعة من قبل البنوك المركزية في السنوات الأخيرة. 

 

في المقابل يتمثل التحدي الكبير فيما يتعلق بشفافية السياسات وأدوات التواصل التي ينتهجها البنك المركزي، خاصة في كيفية إيصال الرسائل الرئيسة إلى عامة الناس، اللذين قد يكون لديهم فهم محدود لأهداف وأدوات وسياسات البنك المركزي مثل السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف، والاستقرار المالي، وحماية المستهلك المالي. في هذا الإطار، يمكن النظر في تعزيز موثوقية سياسات وإجراءات البنك المركزي من خلال تطوير استراتيجية شاملة للتواصل، واستخدام مختلف القنوات والأدوات، وعدم الإكتفاء فقط بنشر الأخبار الصحفية حول قراراتها. 

 

من المناسب في هذا الصدد، التوجه التدريجي نحو مستويات أعلى من الشفافية في التواصل، مثل تعزيز مضمون ومحتوى الأخبار الصحفية، وعقد مؤتمرات صحفية بما يعزز وصول المعلومة السليمة لكافة الأفراد، والفهم الصحيح للقرارت المتخذة من البنك المركزي، وربما أيضاً نشر ملخص حول محاضر لجان البنك المركزي التي تصدر تلك القرارات، بما يعود بتأثير إيجابي على الأسواق المالية، خاصة عمليات السوق المفتوحة.  

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

 

تناقش الورشة سبل تقييم شفافية البنوك المركزية، استناداً لإطار صندوق النقد الدولي الذي تم بنائه كما تعلمون على ثلاث محددات: جودة الإفصاح وآليات الوصول إلى منشورات البنك المركزي وسهولة فهمها، ووسائل الإفصاح التي تعتمد على إمكانية الوصول إلى المصادر والمنصات، إضافةً لحسن توقيت الإفصاح ودوريته. 

 

استناداً لهذه المحددات، يرتكز هذا الإطار على خمسة محاور رئيسة للشفافية مرتبطة ببعضها البعض: الشفافية في السياسات مثل آليات إتخاذ القرارات ودعم التحاليل المقدمة،   والشفافية في الحوكمة، والشفافية في العمليات من خلال أدلة الإجراءات، إضافةً للشفافية في المخرجات والتقارير بما في ذلك حوكمة الأداء والتقارير. وأخيراً الشفافية في العلاقات الرسمية مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، وكذلك مع المؤسسات الاقليمية الدولية من خلال الإتفاقيات ومذكرات التفاهم.

 

يعتبر إطار الشفافية هذا بمثابة سمة مؤسسية تهدف إلى ضمان الوصول الشامل إلى المعلومات المتعلقة بالبنك المركزي وأنشطته، وفي نفس الوقت تحقيق التوازن المناسب بين الشفافية والمتطلبات المشروعة للسرية.

 

أظهرت المرحلة التجريبية التي قام بها صندوق النقد الدولي حول تطبيق هذا الإطار على عدد من المصارف المركزية، أن مراجعة شفافية البنك المركزي يمكن أن تكون أداة فعّالة لتعزيز المساءلة الشاملة، حيث يساعد هذا التقييم على استخلاص الدروس من تنفيذ مراجعات للشفافية للبنوك المركزية الاخرى في المستقبل.

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

 

لا شك أن المتابع لأوضاع وممارسات الحوكمة في الدول العربية يدرك التطور الكبير خلال السنوات الماضية، حيث حرصت السلطات الإشرافية (ومنها البنوك المركزية) على وضع معايير وإجراءات ومواثيق تخص ممارسات الحوكمة. إلا أنه يتعين أن ندرك أيضاً أن هناك حاجة أكبر في هذه المرحلة لتعزيز كفاءة الالتزام والتنفيذ في تطبيق هذه المعايير والمبادئ حيث يمثل التطبيق التحدي الأكبر لتحقيق الأغراض المرجوة من هذه المبادئ، ولا شك أن التطبيق وإنفاذ مبادئ الحوكمة لا يتوقف فقط على السلطات الإشرافية والرقابية ووضعها للمعايير والمبادئ ومتابعة التزامها، بل يستلزم كذلك جهود كبيرة على صعيد التوعية والتدريب وبناء القدرات وتقوية التواصل مع مؤسسات وفعاليات القطاع الخاص ومختلف الهيئات المعنية بما يعزز إدراك الجميع لأهمية الحوكمة وجوانب تطبيقاتها المختلفة.

 

لقد حظي موضوع تطوير وتقوية الأطر الناظمة لموضوعات الحوكمة وإدارة المخاطر والشفافية باهتمام متواصل من السلطات في الدول العربية، حيث عملت البنوك المركزية العربية في السنوات الأخيرة على تطوير إرشادات خاصة بالحوكمة، فلا يزال هناك حاجة للمزيد من الجهود لترسيخ ثقافة ومفاهيم الحوكمة والإفصاح والشفافية.

 

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

 

في هذا الإطار، يحرص صندوق النقد العربي على دعم جهود السلطات المعنية بالدول العربية في مساعيها لتعزيز منظومة الحوكمة وإدارة المخاطر، من خلال توفير التدريب والفرص لتبادل الخبرات والتجارب مع بقية الدول. لقد نظم الصندوق عدد من الدورات التدريبية وورش العمل غطت قضايا الحوكمة وإدارة المخاطر والشفافية. كما يتناول الصندوق تلك المواضيع، في اجتماعات اللجان وفرق العمل المنبثقة عن مجلس محافظي المصارف المركزية العربية، مثل اللجنة العربية للرقابة المصرفية، وفريق عمل الاستقرار المالي، واللجنة العربية لنظم الدفع والتسوية، ومجموعة التقنيات المالية الحديثة. 

 

 

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

تناقش ورشتنا اليوم عددا من الموضوعات الهامة، مثل التحديات الراهنة في أعمال البنوك المركزية المتعلقة بتعزيز الحوكمة، وإدارة مخاطر البنوك المركزية أخذاً بالاعتبار تحديات التقنيات المالية الحديثة، والأمن السيبراني. كما تناقش الورشة موضوع الشفافية في البنوك المركزية، حيث سيتم مراجعة الإطار الجديد للشفافية الصادر عن صندوق النقد الدولي. أخيراً، سيتم استعراض تجارب عدد من البنوك المركزية حول إطار الشفافية.

 

نأمل مشاركة الجميع في النقاش والحوار وطرح الاستفسارات، بما يعزز من فرص تبادل الخبرات ونقل المعرفة، وهو الهدف الرئيس لهذه الورشة.

 

أصحاب السعادة،

حضرات السيدات والسادة الحضور،

قبل الختام، وإذ أرجو النجاح لهذه الورشة، أؤكد حرصنا في الصندوق على تنظيم المزيد من الورش والدورات التدريبية لخدمة جهود دولنا الأعضاء في الارتقاء بالقضايا المتعلقة بمنظومة الحوكمة وإدارة المخاطر والشفافية. كما نتطلع للمزيد من التعاون مع صندوق النقد الدولي في هذه المواضيع.

 

أخيراً، لا يفوتني في هذه المناسبة تقديم الشكر والعرفان لدولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر صندوق النقد العربي على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه للصندوق، ويساهم في نجاح الصندوق لتحقيق الأهداف المنوطة به.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،