معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي يلقي كلمة في افتتاح ورشة العمل حول دور صناديق وآليات ضمان القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في دعم التعافي في مرحلة ما بعد جائحة كورونا في الدول العربية

المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي حجر الزاوية للتنمية الإقتصادية في المنطقة العربية

جائحة كورونا كان لديها تداعيات كبيرة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة

الإجراءات التي قامت بها السلطات الإشرافية في الدول العربية، خففت من التداعيات، وهناك حاجة للمزيد من الجهود لدعم هذه المشروعات في مرحلة التعافي

نمو محافظ الصناديق وبرامج ضمان القروض بنسبة تجاوزت 120 في المائة خلال الجائحة

تلعب صناديق وبرامج ضمان القروض دوراً محورياً في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن الأهمية العمل على توظيف التقنيات المالية الحديثة في خدماتها

 صندوق النقد العربي يتطلع لتعزيز تعاونه مع جميع برامج وصناديق ضمان القروض في إطار رؤية مشتركة

ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي كلمة في افتتاح ورشة العمل حول دور صناديق وآليات ضمان القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في دعم التعافي في مرحلة ما بعد جائحة كورونا في الدول العربية، التي نظمها صندوق النقد العربي "عن بُعد" يوم 29 نوفمبر 2021.

 

أكد معاليه في بداية الكلمة على أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة من الناحية الاقتصادية على المستويين العربي والعالمي في شأن مساهمتها في خلق فرص العمل والنمو الاقتصادي، مبيناً في هذا الإطار أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية تمثل أكثر من 90 في المائة من مجموع الشركات العاملة.

 

أشاد معالي الدكتور الحميدي بالاهتمام المتزايد الذي باتت توليه السلطات في الدول العربية لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال السنوات الماضية للتغلب على التحديات التي تواجه هذا القطاع، مشيراً في هذا الصدد إلى قيام هذه السلطات بإتخاذ عدد من الإجراءات والتدابير مثل تطوير مركزيات المخاطر، وإنشاء مكاتب الإستعلام الإئتماني، وآليات وبرامج الضمان، وإنشاء سجلات للأصول المنقولة.

 

أكد معاليه تأثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة بتداعيات جائحة كورونا، مبيناً في هذا الصدد أن دعم تعافي هذه المشروعات من آثار تداعيات الجائحة، يمثل أولوية كبيرة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي في هذه المرحلة، ويتطلب تضافر الجهود من مختلف السلطات الإشرافية ذات العلاقة، إلى جانب تبني إطار ورؤية شاملة تهدف لمعالجة تحديات وصول هذه المشروعات للتمويل، وتسريع التحول المالي الرقمي.

 

من جانب آخر، بيّن معاليه أن التداعيات السلبية لجائحة كورونا أبرزت الأهمية الكبيرة لتوظيف التقنيات الحديثة لأغراض الشمول المالي، وضرورة تعزيز الخدمات المالية الرقمية وتوعية مستخدميها. مشيداً بأداء البرامج والصناديق العربية خلال أزمة جائحة كورونا، منوهاً بقيامها بتطوير منتجات ضمان تتناسب والحاجة التمويلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير ضمانات للاستثمار في حقوق الملكية ورأس المال المخاطر، إضافةً إلى تعظيم الاستفادة من الأموال المتاحة من خلال استخدام خاصية الرافعة المالية.

 

أشاد معاليه بالتطورات الإيجابية في أعمال وبرامج ضمان القروض في الدول العربية، حيث نمت   محافظ هذه الصناديق بنسب تراوحت بين 120 إلى 150 في المائة خلال الجائحة. بيّن معاليه في الوقت نفسه التحديات الكبيرة التي تواجه هذه الصناديق والبرامج سواء على صعيد الاستجابة للنمو الكبير في طلبات الضمانات أو على صعيد تطوير آليات ضبط المخاطر وتعزيز السيولة، والحاجة للمزيد من الجهود لتعظيم فرص الاستفادة من التقنيات الحديثة في الارتقاء بخدماتها، إضافةً إلى أهمية الاستعداد للتعامل مع تداعيات سحب حزم الدعم، والتنسيق مع المصارف المركزية لتعزيز الاستقرار المالي وإستدامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

 

أكد معاليه أن دعم نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمثل جزءاً رئيساً من استراتيجية واهتمامات صندوق النقد العربي، منوهاً بقيام الصندوق بإطلاق تسهيل البيئة المواتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية بهدف توفير الدعم المالي والفني لدوله الأعضاء لإرساء وتطوير البنية التشريعية والتحتية الداعمة لنمو هذا القطاع. كما بيّن أن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة يعتبر محوراً مهماً من محاور عمل المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية، إضافةً إلى ما يقدمه معهد التدريب وبناء القدرات التابع للصندوق من أنشطة تدريب وبناء القدرات المتعلقة بتعزيز الشمول المالي ودعم البيئة المواتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

 

أشار معاليه كذلك إلى أنشطة الصندوق في مجال التقنيات المالية الحديثة حيث يعمل الصندوق على دعم جهود دوله الأعضاء على صعيد التحول المالي الرقمي سواء في إطار مبادرة الشمول المالي أو في إطار أنشطة مجموعة العمل الإقليمية للتقنيات المالية الحديثة.

 

في الختام، أكد معالي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي حرص الصندوق على توسيع تعاونه وبناء شراكات مع جميع الأطر والمؤسسات الاقليمية والدولية للعمل معاً في سبيل دعم تطوير برامج وصناديق ضمان القروض وتعزيز دورها في زيادة فرص الشمول المالي للمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية.

 

وفيما يلي النص الكامل للكلمة:

 

أصحاب المعالي والسعادة،

السيدات والسادة الحضور،

 

أسعد الله أوقاتكم بكل خير وسرور،

 

يسرني الترحيب بكم في هذه الورشة الهامة التي ينظمها صندوق النقد العربي "عن بعد" حول "دور صناديق وآليات ضمان القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في دعم التعافي في مرحلة ما بعد جائحة كورونا في الدول العربية" بالتعاون مع برامج وصناديق ضمان القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، حيث تناقش الورشة السياسات والإجراءات المطبقة من الحكومات والمصارف المركزية في توفير الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال أزمة جائحة كورونا، وما نتج عن الأزمة من تداعيات يتعين التعامل معها لدعم فرص تحقيق التنمية المستدامة، والدور الذي يمكن أن تلعبه صناديق وبرامج ضمان القروض وأدوات وأطر العمل المناسبة لهذه الصناديق والبرامج في هذه المرحلة والفرص المستقبلية.

 

أود بدايةً أن أشكر جميع الرؤساء والمدراء التنفيذيين لبرامج وصناديق ضمان القروض في الدول العربية على تعاونهم في التحضير للورشة ومشاركتهم، متطلعين لتكون خطوة نحو تعاون أكبر بين صندوق النقد العربي وهذه الصناديق والبرامج في إطار الاهتمام المشترك بقضايا تعزيز الشمول المالي ودعم المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بما يخدم فرص تحقيق التنمية المستدامة. والشكر موصول كذلك للمصارف المركزية العربية على حضورهم ومشاركتهم في مناقشات الورشة إدراكاً لأهمية دعم هذه المشروعات من جهة، وسبل الحد من المخاطر والمحافظة على الاستقرار المالي في هذه المرحلة من جهة أخرى، في ضوء التحضير لسحب إجراءات الدعم. كما لا يفوتني أن أشكر الجهات والمؤسسات الدولية المشاركة معنا في الورشة مثل، البنك الدولي، وبنك الإستثمار الأوروبي، ومؤسسة التمويل الدولية، والوكالة الألمانية للتنمية، والبنك المركزي الماليزي، والجمعية الأوروبية لمؤسسات الضمان، والمكتب الأمريكي لدعم الوصول لرأس المال.

 

 نحن سعداء بمشاركة هذا العدد الكبير من المصارف المركزية ووزارات المالية والهيئات المشرفة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإتحادات البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية. كما يسعدنا حضور المؤسسات والصناديق القُطرية والإقليمية، مما يبرز الاهتمام المتزايد من وكالات ومؤسسات التنمية العربية.

 

السيدات والسادة الحضور،

 

كما تعلمون، تحتل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية على المستوى العالمي، وفي حالة دولنا العربية تعد بمثابة حجر الزاوية في الاقتصادات العربية، إذ تشكل أكبر قطاعات الأعمال من حيث مساهمتها في التوظيف والنمو الاقتصادي بنسبة تتعدى 90 في المائة من مجموع الشركات العاملة، وتوفر مصدراً رئيساً لخلق فرص العمل الجديدة. من هنا تدرك السلطات في الدول العربية الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية المستدامة.

 

لذلك عززت السلطات في الدول العربية إهتمامها في السنوات الماضية بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال السعي للتغلب على تحديات التمويل، حيث قامت بتنفيذ العديد من الإجراءات ركزت على معالجة نقص المعلومات الإئتمانية وتقليل مخاطر الائتمان للمقترضين من المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تطوير مركزيات المخاطر والعمل على إنشاء مكاتب الإستعلام الإئتماني، وآليات وبرامج الضمان، وإنشاء سجلات للأصول المنقولة. هناك مكاتب مستقلة للاستعلام الإئتماني تلبي متطلبات المعلومات للمقرضين في تسع دول عربية. من المرجح أن يتواصل التأثير المحفز لخدمات مكاتب الاستعلام الائتماني في توفير المعلومات والتقارير الائتمانية التي من شأنها دعم وصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل، مع توسع معدلات التغطية والنطاق مع الوقت ليشمل جميع المشروعات. عدد من مكاتب الاستعلام الائتماني، أضافت مؤخراً خدمات سجلات ضمانات الأصول المنقولة، بما يوفر المزيد من الفرص لتعزيز التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو توجه تعمل مكاتب استعلام ائتماني أخرى على محاكاته.

 

إضافة إلى شركات الاستعلام الائتماني، مثّل التطور الأبرز في تعزيز دور برامج وشركات ضمان القروض، حيث تمتلك اليوم معظم الدول العربية شكلاً من أشكال البرامج العامة لضمان القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تقوم بتغطية المخاطر المتوقعة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة مما يشجع البنوك على توفير التمويل اللازم لهذه الفئات التي تصنفها البنوك عالية المخاطر. يبلغ عدد برامج وصناديق الضمان في المنطقة 14 برنامج، تتباين في أحجامها وفي آلياتها ومحددات أعمالها.

 

لا شك أن مقررات لجنة بازل للرقابة المصرفية، ساهمت في زيادة وفاعلية دور برامج وشركات الضمان، حيث خصت برامج وشركات الضمان كأحد آليات تخفيف المخاطر بميزة تخفيض أعباء متطلبات كفاية رأس المال وتوفير المخصصات والاحتياطيات مقابل الجزء المضمون من هذه البرامج، مما يساهم في تخفيض تكلفة البنك لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالتالي انعكس إيجاباً في زيادة فاعلية برامج الضمان وقدرتها على انتهاج آليات ضمان مختلفة تتناسب وطبيعة الفئات المستهدفة، فهناك مثلاً الضمان الفردي الذي يقوم فيه برنامج أو شركة الضمان بفحص الحالات بصفة فردية، وهناك آلية ضمان المحافظ التي يتعامل فيها البرنامج أو الصندوق مع البنك بتحديد محفظة ذات محددات متفق عليها مسبقاً، مما يمكن البنك من إنشاء هذه المحفظة دون الرجوع للبرنامج أو الصندوق في كل حالة.

 

السيدات والسادة الحضور،

أثرت جائحة كورونا على الاقتصادات العالمية جميعاً بما في ذلك المنطقة العربية، ومن أكثر الفئات التي تأثرت بهذه الجائحة فئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ذلك لضعف قدرتها وقلة مرونتها على التعامل مع متغيرات السوق، حيث اضطر عدد كبير منها لتخفيض حجم إنتاجه أو الإغلاق الجزئي أو الكامل، إلى جانب مواجهة تحديات في الحصول على التمويل اللازم لمواجهة تداعيات الجائحة مما استدعى من الحكومات تقديم دعم خاص لهذه الفئة، حيث اتجهت معظم الحكومات لتوفير هذا الدعم من خلال برامج وشركات الضمان لتوفير السيولة اللازمة للبنوك وتشجيعها على الاستمرار في الإقراض في ظل ظروف تتسم بدرجة عالية من عدم الوضوح وارتفاع المخاطر.

 

بالفعل قدمت السلطات في معظم الدول العربية دعماً مالياً لبرامج وشركات الضمان لتوجيهها إلى القطاعات المحتاجة، مما مكنها من تطوير منتجات ضمانية تتناسب وطبيعة احتياجات هذه الفئة خلال فترة الجائحة، كان من أبرزها زيادة تغطية الضمان التي وصلت إلى نسبة 100 في المائة لبعض القطاعات المتضررة مثل قطاع السياحة، وخفض الرسوم بنسبة تعدت نحو 60 إلى 70 في المائة، وتسريع الإجراءات ذلك باتباع أنظمة أكثر مرونة وباستخدام التقنيات الحديثة واتباع سياسات التحول الرقمي، التي مكنت العديد من البرامج بالمنطقة لإتخاذ قرارات الضمان في حدود يوم أو يومين.

 

لا شك أن الدعم الحكومي ساهم في الحد من التداعيات السلبية للجائحة على النشاط الاقتصادي خلال الأزمة ودعم استدامة خدمات هذه البرامج والصناديق.

 

أظهرت البرامج والصناديق العربية خلال أزمة جائحة كورونا، قدرات على تطوير منتجات ضمانية تتناسب والحاجة التمويلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مكنت تيسير إجراءات ضمانات القروض الممنوحة لتمويل الاستثمار أو المصاريف التشغيلية للمشروعات المستهدفة. كما كان هناك تطوير في ضمانات الاستثمار في حقوق الملكية ورأس المال المخاطر، حيث استطاعت البرامج والصناديق توفير ضمانات تتناسب مع عمليات التوريق والتخصيم المطلوبة من المشروعات. كما لابد من الإشارة لما تتميز به هذه البرامج والصناديق من وجود قاعدة معلومات ثرية لديها قادرة على تحديد دقيق لطبيعة ومحددات فئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يمكن متخذي القرار من دعم وتطوير هذه الفئات بما يتناسب مع احتياجاتها الحقيقية. كذلك من الإضافات لهذه البرامج والصناديق، قدرتها على تعظيم الاستفادة من الأموال المتاحة من خلال استخدام خاصية الرافعة المالية، ذلك بإنشاء محافظ ضمان تصل قيمتها إلى أضعاف هذه الأموال.

 

السيدات والسادة الحضور،

 

 لابد من التنويه أن التداعيات السلبية لجائحة كورونا أبرزت بوضوح الأهمية الكبيرة لتوظيف التقنيات الحديثة لأغراض الشمول المالي، وضرورة تعزيز الخدمات المالية الرقمية وتوعية مستخدميها. لقد عززت جائحة كورونا الطلب على الخدمات المالية الرقمية، وجعلت الحاجة إلى تسريع التحول الرقمي وتحسين الخدمات المالية الرقمية أمراً بالغ الأهمية في السياسات الاقتصادية في المنطقة العربية.

 

لا شك أن هذه التقنيات مكّنت برامج وشركات ضمان القروض من تقديم الدعم لعدد متزايد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الجائحة، لما تتيحه من تسريع الإجراءات وتطوير في الخدمات. بالفعل كان هناك جهود كبيرة من بعض البرامج والشركات العربية تراوحت بين تسهيل التواصل الإلكتروني مع البنوك والمقترضين وبين تقديم المشورة الفنية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لدعم التحول الرقمي لديها، والتي نتج عنها نمو محافظ هذه الصناديق بنسب تراوحت بين 120 إلى 150 في المائة عن العام السابق. 

 

السيدات والسادة الحضور،

مع ذلك، ومع هذه التطورات الإيجابية في أعمال وبرامج ضمان القروض في الدول العربية، إلا أنه لا يخفى عليكم التحديات الكبيرة التي تواجه هذه الصناديق والبرامج سواء على صعيد الاستجابة للنمو الكبير في طلبات الضمانات أو على صعيد تطوير آليات ضبط المخاطر وتعزيز السيولة، إلى جانب الحاجة للمزيد من الجهود لتعظيم فرص الاستفادة من التقنيات الحديثة في الارتقاء بخدماتها. يضاف إلى ذلك الاستعداد للتعامل مع تداعيات سحب حزم الدعم، وأهمية التنسيق مع المصارف المركزية لضمان الاستقرار المالي وإستدامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.  

هناك حاجة لتفعيل دور برامج وصناديق القروض في التخفيف من المخاطر الناجمة عن تداعيات الأزمة، بإعتبارها أداة لتحقيق الشمول المالي وتحسن إدارة المخاطر. قد يتوجب الأمر القيام بتعديل بعض الشروط والمتطلبات في ظل الظروف الراهنة من أجل تلبية احتياجات المؤسسات المالية من جهة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة من جهة أخرى وفقاً لطبيعة مخاطر وإمكانيات كل فئة. لا شك أن هناك حاجة للتنسيق مع المصارف المركزية ليكون لدينا رؤية مشتركة حول سبل تفعيل دور هذه البرامج والصناديق. كما يبرز كذلك أهمية التنسيق والتعاون الاقليمي والنظر في مقترحات تعزز من هذا التعاون، بما يأخذ تجارب المجموعات الاقليمية الأخرى والدروس المستفادة منها في الإعتبار.

ولعل مناقشات الورشة تقدم لنا مقترحات عملية تعزز الإدراك لمتطلبات المرحلة القادمة وتؤسس منصة للحوار المتواصل بين برامج وصناديق الضمان من جهة وبين السلطات الإشرافية بمشاركة المؤسسات الإقليمية ووكالات التنمية من جهة أخرى.

 

السيدات والسادة الحضور،

 

إدراكاً لأهمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يمثل دعم نمو هذه المشروعات جزءاً رئيساً من استراتيجية واهتمامات صندوق النقد العربي. فإلى جانب تسهيل البيئة المواتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية الذي أطلقه الصندوق منذ عدة سنوات بهدف توفير الدعم المالي والفني لدوله الأعضاء لإرساء وتطوير البنية التشريعية والتحتية الداعمة لنمو هذا القطاع، يعتبر دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة محوراً مهماً من محاور عمل المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية، التي يتعاون فيها الصندوق مع البنك الدولي والوكالة الألمانية للتنمية والتحالف العالمي للشمول المالي. إضافة إلى ما سبق، يقدم الصندوق خدمات التدريب وبناء القدرات من خلال معهد متخصص، حيث تستحوذ أنشطة بناء القدرات المتعلقة بتعزيز الشمول المالي ودعم البيئة المواتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة على اهتمام ملحوظ في نشاط التدريب للصندوق.  

 

 كما لا يخفى عليكم من جانب آخر نشاط الصندوق في مجال التقنيات المالية الحديثة، حيث يعمل الصندوق على دعم جهود دوله الأعضاء على صعيد التحول المالي الرقمي، سواءً في إطار مبادرة الشمول المالي أو في إطار أنشطة مجموعة العمل الإقليمية للتقنيات المالية الحديثة. وهي أنشطة تخدم بصورة كبيرة تقدم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

 

في نفس الإطار، عمل الصندوق من خلال مجموعة التقنيات المالية الحديثة على إصدار مجموعة من الأدلة والمبادئ الإرشادية، شملت مواضيع الهوية الرقمية وقواعد إعرف عميلك الالكترونية في الدول العربية، والسلامة الإلكترونية للبنية التحتية المالية في الدول العربية، وبناء إستراتيجيات وطنية للتقنيات المالية الحديثة، وإرشادات التمويل البديل للدول العربية، والعمليات المصرفية المفتوحة. كما أطلق الصندوق دليلاً تنظيمياً حول التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية. وهي جوانب لا شك أنها تهم برامج وصناديق الضمان.

 

مع تزايد أهمية دور برامج وشركات الضمان وضرورة دعمها محلياً وإقليمياً بما يمكنها من القيام بالدور الهام المنوط بها، ولإدراك صندوق النقد العربي لهذه الأهمية فإننا ننتهز فرصة هذه الورشة لندعو لإستمرار عقد الورش والاجتماعات مع برامج وصناديق الضمان في الدول العربية بمشاركة المصارف المركزية، بما يمكن من تعزيز تبادل الخبرات والتطورات الحديثة في صناعة الضمان، ويعزز تطور هذه البرامج في توفير التمويل اللازم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في منطقتنا العربية.

 

السيدات والسادة الحضور،

 

قبل أن أختم، أود أن أكرر أن صندوق النقد العربي حريص على توسيع تعاونه وبناء شراكات مع جميع الأطر والمؤسسات الاقليمية والدولية للعمل معاً في سبيل دعم تطوير برامج وصناديق ضمان القروض وتعزيز دورها في زيادة فرص الشمول المالي للمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية، حيث أتطلع للترحيب بكم في مناسبات قادمة.  

 

 

أخيراً، أتقدم بالشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،